للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والمعنى: واذكر لهم أيها النبى يوم القيامة، ونبئهم بما يقع فيه من الأهوال حيث يبعث من كل أمة شهيدًا من المرسلين، يشهد لمن آمن بالإيمان وعلى من كفر بالكفر، حسبما علمه عن أُمته فى حياته.

﴿ثُمَّ لَا يُؤْذَنُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا﴾: أي لا يؤذن لهم فى الاعتذار إذ لا عذر لهم ولا حجة لديهم يدافعون بها عن أَنفسهم.

﴿وَلَا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ﴾ (١): أى ولا يطلب منهم أَحد فى هذا اليوم العتبى -أَي أَن يرضوا ربهم بتوبة أَو عمل صالح- فقد فات أَوان ذلك حيث كانوا فى دنيا التكليف، وقد أُعطوا الفرصة فيها فلم يفعلوا، فلا سبيل لهم بعدها إلى ذلك، فإِن الآخرة دار جزاء.

﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ﴾ (٢).

٨٥ - ﴿وَإِذَا رَأَى الَّذِينَ ظَلَمُوا الْعَذَابَ فَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ﴾:

وتلك صورة أُخرى لما يكون عليه الكافرون من أَهل النار، أَى وإذا رأَى هؤلاء الذين ظلموا أَنفسهم بالكفر. -إِذا رأوا العذاب على كفرهم ومعاصيهم وعاينوه وشاهدوه، ﴿فَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ﴾: إذ لا مجال للتَّخْفِيف بتوبة أو اعتذار، ﴿لَا تَعْتَذِرُوا الْيَوْمَ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ (٣).

٨٦ - ﴿وَإِذَا رَأَى الَّذِينَ أَشْرَكُوا شُرَكَاءَهُمْ قَالُوا رَبَّنَا هَؤُلَاءِ شُرَكَاؤُنَا الَّذِينَ كُنَّا نَدْعُو مِنْ دُونِكَ … ﴾ الآية.

وهذه صورة من الصور التى تكون بين الكافرين وبين من أشركوهم مع الله فى العبادة، أو عبدوهم من دون الله، فإِذا رأوهم نادوْا ربَّهم أذلَّاء صاغرين.

﴿هَؤُلَاءِ شُرَكَاؤُنَا الَّذِينَ كُنَّا نَدْعُو مِنْ دُونِكَ﴾: أَضلونا وحملونا على عبادتهم.

كأنما يقولون: هم الذين يستحقون العذاب دوننا. وكل شيء يومئذ ينطق بإِذن الله فلهذا تكذبهم معبوداتهم من كل نوع كما حكى الله بقوله:


(١) أصل الاستعتاب طلب إزالة العتب والغضب ويكنى به عن سلب الرضا وبهذا فسر قوله تعالى: "ولاهم يستعتبون" بمعنى ولا هم يطلب منهم أن يرضوا ربهم.
(٢) سورة فصلت، الآية: ٤٦١.
(٣) سورة التحريم، الآية: ٧.