وابن المنذر وغيرهما عن الحسن قال: ما تطيب الحياة لأحدٍ إِلا فى الجنة، وقيل هى حياة البرزخ ففيها يشعر الميت بأنه من أهل السعادة أو من أَهل الشقاء، ولهذا كان النبي ﷺ يستعيذ بالله تعالى من عذاب القبر.
﴿وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾: أَي ولنجزينهم فى الآخرة جزاء موافقا لأحسن أَعمالهم حسبما نفعل بالصابرين الذين ذكر جزاؤُهم فى الآية التى سبقت.
وقد ذكر الجزاء هناك خاصًّا بالصابرين، وهنا عاما لبيان شموله لكل من يعمل عملا صالحا خالصا لوجه الله. وذلك لا يدع أى مجال لشائبة التكرار بين الآيتين حيث اختلف الغرض المقصود من كل منهما.
بعد أن ذكر سبحانه أن أَساس الجزاء الموفور هو صلاح العمل واستقامته. جاءت هذه الآية لبيان ما يصان به العمل الصالح ويخلص من شوائب النقص أو الفساد.
والمعنى: فإذا أردت قراءة القرآن فاسأل الله سبحانه أن يعيذك ويحفظك من وساوس الشيطان المطرود من رحمة الله، والأمر بالاستعاذة منه للندب عند جمهور العلماء، وروى عن الثوري وعطاء أنه للوجوب، نظرًا لظاهر النظم الكريم، وهو مخالف للمنقول عن جمهور العلماء، والخطاب عام لكل مسلم يقرأ القرآن الكريم، وهذا هو الذى يقتضيه السياق، وقيل إِنه خطاب للرسول ﷺ، وتوجيه الخطاب إليه، على هذا الرأى، للتنبيه على أنها لغيره ﷺ آكد، فإنه صلى الله عليه وسم مُحصَّن من الشيطان، ومع هذا فقد أُمر بالاستعاذة منه، فما ظنك بغيره، وصيغة الاستعاذة المأثورة هى: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. لتضافر الروايات على أنه ﷺ كان يستعيذ كذلك. وروى عن ابن مسعود أنه قرأ على النبى صلى الله عليه وسم: أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، فقال له ﷺ:" يا ابن أُم عبْدٍ: قُلْ أعُوذُ بِاللهِ مِن الشَّيطانِ الرَّجِيم. هكذا أقرأنيه جبريل عن القلم عن اللوح المحفوظ" روى ذلك الثعالبى والواحدى.
أي أنه ليس للشيطان تسلط وتأثير على المؤْمنين المتوكلين على الله ربهم، حيث إن دعوته لهم إلى الشرك والمعاصي غير مستجابة، ووسوسته لا تؤثَر فيهم، لاعتصامهم بالإيمان المتين،