للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

التعظيم إِلا لبني إِسرائيل في رسالة موسى، بعد إِبراهيم بمدة طويلة كما سيأتي بيانه.

والمعنى: ما فرض الله تعالى تقديس يوم السبت بالتخلى للعبادة فيه، إلا على الذين اختلفوا في تقديسه على نبيهم، حيث أمرهم بتعظيم الجمعة فاختاروا السبت، وهم اليهود، أخرج الشافعي في الأم، والشيخان في الصحيحين - واللفظ للبخاري - عن أبي هريرة أنه سمع رسول الله يقول: "نحن الآخرون السابقون يوم القيامة، بيد أَنهم أوتوا الكتاب من قبلنا (١) ثم هذا يومهم الذي فرض عليهم فاختلفوا فيه، فهدانا الله له، فالناس لنا فيه تبع: اليهود غدا والنصارى بعد غد".

وقيل إن موسى لما جاءهم بتعظيم الجمعة اختلفوا فيما بينهم، فأبى أكثرهم إلا السبت، وقالوا إِنه اليوم الذي فرغ الله فيه من خلق السماوات والأرض، ورضيت شرذمة منهم بالجمعة، فأذِن الله تعالى لهم بالسبت وابتلاهم بتحريم الصيد فيه؛ وهكذا شددوا على أَنفسهم فشدد الله عليهم.

وقد أطاع فريق منهم فكانوا لا يصيدون يوم السبت، وعصى أكثرهم فكانوا يصيدون فيه، فأَبغضهم الله ولعنهم، وجعلهم في خِسة القردة، قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ﴾ (٢). وقال سبحانه: ﴿فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ مَا نُهُوا عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ﴾ (٣).


(١) في إحدى روايات الشيخين زيادة (وأوتيناه من بعدهم) والحديث رواه النسائي أيضًا.
(٢) البقرة، الآية: ٦٩.
(٣) الأعراف، الآية: ١٦٦ وقد قدمنا في بيان المراد من قوله تعالى "كونوا قردة خاسئين" أنه إما علي الحقيقة وأن الله تعالى حولهم قردة وإما أنه مجاز عن مسخ قلوبهم وصرفها عن الخير. راجع الوسيط في تفسير الآية ٦٥ من سورة البقرة، ط ثانية.