للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ومن كرمه - تعالى - إكرامه الذين يذكرونه: بذكره إياهم.

عن أبي هريرة عن رسول الله في حديث قدسي عن الله - عزل وجل -:

يقول الله تعالى: "أنا عند ظن عبدي بي، وأنا مَعَهُ حين يذكرني. فإن ذكرني في نفسِه، ذكرتُهُ في نفسي، وإن ذكرني في ملإٍ، ذكرته في ملإٍ خيرٍ منه" (١).

والذكر من العبد: يكون بالأقوال والأفعال الخالصة، ومن الرب: بحسن المكافأة.

﴿وَاشْكُرُوا لِي﴾ أي: اشكروا نعمي عليكم. ومن أجَلِّها أنني أرسلت فيكم رسولًا منكم يزكيكم، ويعلمكم، ويهديكم إلى الله.

وشكر المُنعم واجب.

والشكر يكون: بتوجيه الجوارح إلى ما خلقها الله له، وبذلك المال فيما أباحه وندب إليه، ونشر العلم فيما ينفع، لوجه الله - تعالى - فشكر العالم: نشر العلم، وشكر القوي: مساندة الضعيف، وشكر الغني: الصدقة، وشكر الحاكم: العدل والتواضع. وهكذا.

وقد وعد الله الشاكرين بموالاة نعمه عليهم: ﴿لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ﴾ (٢).

﴿وَلَا تَكْفُرُونِ﴾ أي: ولا تكفروا نعمي بجحدها أو منع زكاتها، أو ترك طاعة الله شكرًا له عليها، فإن العقاب على ذلك شديد.

وقد أعطى الله قارون المال الوفير، فلما ادَّعَى أنه ناله بجهوده وعلمه، و ﴿قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي﴾ (٣) خسف الله به وبداره الأرض. ولما أعطى الله - سبحانه - سليمان ملكه الواسع، قال: ﴿هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ﴾ (٤) فشكر الله، فَحَفِظَ عليهِ نعمتَه.


(١) رواه الشيخان والترمذي.
(٢) إبراهيم: ٧
(٣) القصص: ٧٨
(٤) النمل: ٤٠