للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿فَسَيَقُولُونَ مَنْ يُعِيدُنَا﴾: فسيقولون في دهشة واستنكار من الذي يستطيع أن يعيد إلينا الحياة بعد هذا التحول العجيب، من الحياة الدافقة المتحركة إلى الموت ثم إلى العظام والرفات، فضلا عن التحول إلى الحجارة أو الجديد أَو أشباههما، وقد أَمر الله تعالى أن يجابوا عن هذا التساؤل الذي لا مبرر له بقوله:

﴿قُلِ الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ﴾: أي قل لهم أيها الرسول: الله الذي خقكم أول مرة من عناصر التربة الأرضية الجامدة الميتة على غير مثال سابق، هو الذي يعيد إليكم الحياة وإن تحولت أجسامكم من عظام ورفات إلى حجارة أو حديد أَو نحوهما، والمعروف لنا أن الإعادة عند البشر أسهل، ولكنها تحت قدرة الله لا توصف بالسهولة أَو الصعوبة، فكل الممكنات عنده سواء؛ لأنه لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العلبم.

﴿إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾ (١).

﴿فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُءُوسَهُمْ وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ قُلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَرِيبًا﴾:

أي فحينما يستمعون هذا الجواب سيحركون رءُوسهم منكرين ساخرين قائلين في دهشة وإنكار: متى يتم هذا البعث؟ فقل لهم: سيكون هذا البعث قريبا؛ لأن كل آت وإن طال الزمان قريب.

٥٢ - ﴿يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ﴾:

أي يتم بعثكم يوم يدعوكم إليه فتهبون من قبوركم ملبين دعوته، كما قال تعالى: ﴿ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الْأَرْضِ إِذَا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ﴾ (٢). والمقصود بالدعوة النفخة الثانية، المعبر عنها بالصيحة في قوله سبحانه: ﴿يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِ مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ (٤١) يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ﴾ (٣).

وعند بعثكم تلهحون بحمده تعالى مدركين عظمته وقدرته، وأنه أهل للحمد والثناء ويزول عنكم هذا الإنكار والعناد، بعد أَن شاهدتم الحقيقة التي كنتم سمعتموها من رسولكم في دنياكم:


(١) سورة. يس: الآية ٨٢
(٢) سورة الروم: الآية ٢٥
(٣) سورة ق: الآية ٤١، ٤٢