للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

شملهم برحمته لأنه يعلم أنهم أهل لرحمته، وإن يشأ عذبهم لأنه يعلم أَنهم قصروا في جانبه، ومشيئته مرتبطة بحكمته ﴿وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا﴾ (١).

﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا﴾: أَي وما أَرسلناك أيها الرسول كفيلا لهم ومسئولا عن طاعتهم أَو معصيتهم، فكل امريء منهم بما كسب رهين.

﴿فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (٧) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ﴾ (٢).

٥٥ - ﴿وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾:

أَي أنه سبحانه يحيط علمه بكل من في السماوات والأرض ﴿لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَلَا أَصْغَرُ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرُ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ﴾ فلهذا اختار من يعلم أنهم صفوة البشر أَنبياء، وفضل بعضهم على بعض، كما قال سبحانه: ﴿وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ﴾. وكان تفضيلهم بالفضائل النفسانية والعلمية، لا بكثرة الأموال والأتباع وغير ذلك من أمور الدنيا، وأَقربهم إليه خاتم الأنبياء والمرسلين الذي أَرسله ربه رحمة للعالمين.

قال : "أَنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر، وبيدى لواء الحمد ولا فخر، وما من نبي يومئذ، آدم فمن سواه إلا تحت لوائي، وأَنا أَول شافع وأول مشفع ولا فخر" رواه أَحمد والترمذي وابن ماجة.

﴿وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا﴾: خص الله سبحانه داود بالذكر مع دخوله في الأنبياء قبله، ليبين أَنه ممن فضلهم الله على بعض الأنبياء وذلك بإنزال الزبور عليه، وقد اشتمل على تسابيح الله وإِشارات إلى جلاله وعظمته وقدرته وكان يرتله بصوت عذب شجي، تردِّده معه الطيور والجبال كما قال تعالى في سورة ص: ﴿إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْرَاقِ (١٨) وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ﴾ (٣).


(١) الكهف: من الآية ٤٩
(٢) الزلزلة: الآية ٧، ٨
(٣) ص: الآية ١٨، ١٩