كما أنبأهم - جل شأنه - أنهم سيتعرضون لنقص من الأموال، كما حدث لهم في أُحُد وتَبُوك، ولفقد الأنفس، كما حصل لهم في أُحُد ومُؤتة، ولنقص الثمرات، كما حدث في عام الرَّمادة.
ومعنى الابتلاء من الله: أن يعاملهم معاملة المختبر - وهو العالم بحالهم - ليتميز الصابر المجاهد المحتمل، من الضعيف في دينه ونفسه، وفق ما علمه الله منه أزلا، فيجازى كل منهما على ما عمله، لا على ما علمه الله منه.
والخوف: يكون من إزعاج أعدائهم لهم وإرهابهم إياهم، أو من توقع المكاره في النفس أو المال أو الولد.
والجوع: يكون من قلة الموارد، ونحو ذلك.
ونقص الأموال: بقلة الكسب والخسارة في التجارة ونحوها.
ونقص الأنفس: بالقتل أو الموت.
ونقص الثمرات: بنحو الآفات.
وقد أردف الله تأكيد الابتلاء بذلك، بالحث على الصبر وبيان عاقبته، فقال:
الخطاب في قوله ﴿بَشِّرِ﴾: للنبي ﷺ أو لكل من يستطيع التبشير.
والمصيبة: المكروه الذي يؤلم. وليس الصبر هو: الاسترجاع باللسان وحده، بل بالقلب معه، بأن يتذكر أن نعم الله عليه كثيرة، وأن ما أبقاه الله له، أضعاف ما استرده منه، فيهون المصاب بذلك على نفسه، ويستسلم، فذلك هو المقصود بقوله: ﴿إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ﴾، لا مجرد الاقتصار على النطق: ﴿إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ﴾، وإن كان ثواب هذا القول عظيمًا.
قال ﷺ:"ما من عبد تصيبه مصيبة فيقول: ﴿إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ﴾ اللهم آجرني، إلا آجره الله - تعالى - في مصيبته، وأخلف له خيرًا منها … " إلخ. أخرجه مسلم.