يكون المراد بإمامهم دينهم الذي دانوا به في الدنيا صحيحا أَو فاسدًا، فينادى يا أصحاب دين كذا ليسلّموا كتبهم.
﴿فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ﴾: أي فمن أعطى كتاب أعماله من أولئك المدعوين فأخذه بيمينه كان ذلك تبشيرا وتشريفا له.
﴿فَأُولَئِكَ يَقْرَءُونَ كِتَابَهُمْ﴾: أَي فهؤلاء المختصون بتلك الكرامة يقرأ كل منهم كتابه، وحين يسر بقراءته ينادي إخوانه مبتهجا تعالوا فاقرءُوا كتابي، لتروا ما أَكرمني الله به من الثواب العظيم، كما قال تعالى: ﴿فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ (١٩) إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ﴾ (١).
﴿وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا﴾: أَي ولا ينقصون من ثواب أَعمالهم المكتوبة في صحائفهم أَي شيء ولو بلغ الغاية في القلة. فكان قدر فتيل وهو الخيط الرفيع في شق النواة ويضرب به المثل في الصغر وفيما لا قدر ولا اعتداد به لدى المخلوقين.
أي ومن كان في الحياة الدنيا أعمى البصيرة عن حجج الله وبيناته، وعن كل ما أولاه الخالق جل شأنه من نعم ظاهرة وباطنة. فهو في الآخرة أَعمى لا يهتدى إلى ما ينجيه. ولا يجد ما يجديه، لأن عماه في الدنيا بإِعراضه عن توحيد الله أوجب هذا التخبط في الآخرة والحرمان فيها.
وعن ابن عباس: ومن كان في هذه النعم والآيات التي رأى أَعْمى، فهو في الآخرة التي لم يعاين أعمى وأضل سبيلا. وقيل ومن كان في هذه الدنيا أَعمى القلب حشر يوم القيامة أَعمى العين كما قال تعالى: ﴿وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى﴾.
﴿وَأَضَلُّ سَبِيلًا﴾: عما كان عليه في الدنيا، حيث استحالت عليه جميع أسباب النجاة لفقده كل طريق يوصل إِليها، إذ لا توبة في تلك الدار ولا إِمهال. ولا عودة لتدارك ما فات.