للنبي ﷺ اطرد عنا هؤلاء السقاط والموالى، حتى نجلس معك ونسمع منك، وما زالوا به حتى كاد يقاربهم فيما يقولون فعصمه الله وأَنزل الآية.
والمعنى: وإِنه كاد هؤلاء المشركون بما اقتوحوه عليك أَن يوقعوك في الفتنة بأن تستجيب إلى ما طلبوه منك من أمور تقربك منهم.
﴿لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ﴾: أَي يأملون بذلك أَن تختلق علينا غير الذي أنزلناه إليك، وأَمرناك باتباعه فتخالفه إلى تنفيذ ما اقترحته عليك ثقيف من تحريم واديهم كتحريم مكة أَو طلبته قريش من إِقصاء الفقراء عنهم، فكادت نفسك تميل قليلا إلى موافقتهم رجاء إيمانهم رحمة بهم.
أَي ولولا تثبيتنا إِياك وعصمتنا لك لقاربت أَن تميل إِليهم ميلا قليلًا لشدة احتيالهم عليك، وخداعهم لك ومكرهم بك، ولكنك أَدركتك عنايتنا، فحالت بينك وبين القرب من أدنى مراتب الركون، وهذا صريح في أَنه ﷺ ما هم بإجابتهم مع قوة الداعي إِليها، قال ابن عباس: كان رسول الله ﷺ معصوما، ولكن هذا تعريف للأمة لئلا يركن أَحد منهم إِلى المشركين في شيء من أَحكام الله تعالى وشرائعه.
أَي لو قاربت الركون إليهم لجمعنا عليك عذابا مضاعفًا في الدنيا والآخرة، حيث يكون هذا العذاب ضعف ما يعذب به غيرك في الدارين إذا فعل مثل هذا الفعل، لأنه كلما كانت الدرجة أَعلى والمنزلة أَسمى كانت المؤاخذة على الخطيئة أَشد وأَقوى.
﴿ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا﴾: يمنع عنك العذاب ويحول بينك وبينه إذ لا سلطان فوق سلطاننا حتى تجد فيه ملجأ أَو معينًا.