للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿فَقَالَ لَهُ فِرْعَوْنُ﴾: في سخرية وكبرياء ﴿إِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا مُوسَى مَسْحُورًا﴾: أي سُحِرت فاختل عقلك، ولذا اختل كلامك وادعيت ما ادعيت، وهذا كقوله: ﴿إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ﴾ (١).

وقيل: ﴿مَسْحُورًا﴾ هنا معناه: ساحرا .. ويؤيده قوله: ﴿إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ (٣٤) يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِ﴾ (٢).

١٠٢ - ﴿قَالَ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنْزَلَ هَؤُلَاءِ إِلَّا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ بَصَائِرَ … ﴾ الآية.

هذا رد كليم الله على عدوه وعدو الله، بعد أَن بلغ الجهد هو وأَخوه في دعوته، واستنفدوا كل قول ليِّن في سبيل تذكيره، خوفا من أن يفرط عليهم أو يطغى، وصبرا صبر أُولي العزم من الرسل، فلم يزدد عدو الله إلا جحودا وعنادًا، مع أن هذه المعجزات لا يقدر عليها إِلا رب السماوات والأرض، رب موسى وهارون.

هنالك قال موسى لفرعون - وقد يئس من إيمانه: لقد علمت يا فرعون أن هذه المعجزات من عند الله تعالى، أوجدها حججا ساطعةً علي صدقي فيما دعوتك إليه من الإيمان بمالك الملك ربي وربك …

﴿وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا فِرْعَوْنُ مَثْبُورًا﴾: المراد من الظن هنا العلم، وقد عبر به موسى عنه تلطفًا مع فرعون، أي وإني لأعلم أنك يا فرعون هالك، أَو مصروف عن الخير إلى الشر بسوء فعلك وطغيانك.

وقرئ: ﴿لَقَدْ عَلِمْتُ﴾ بضم التاء .. فعلى هذه القراءة يكون موسى قد ردّ بها عن نفسه دعوى أَنه ساحرٌ أو مسحورٌ كما زعم فرعون عدو الله، أَي قال موسى لفرعون لقد علمت أنا حَقّ العلم أَن الذي أنزل هذه الآيات هو خالق السماوات والأرض ومدبرهما، وأننى لست بساحر ولا مسحور كما زعمت: وذهب بعض المفسرين إلى أن المراد بالآيات التسع: الأصول العامة التي أنزلها الله في الكتب الإلهية للعقائد والشرائع السماوية كلها، وجعلها مشتركة بين


(١) سورة الشعراء، من الآية: ٢٧
(٢) سورة الشعراء، من الآيتين: ٣٤، ٣٥