قال الآلوسي: اخرج ابن مردويه عن ابن عباس ﵄ أن أَبا جهل بْنَ هشام والنضر بن الحارث وأُميةَ بن خلف … في نفر من قريش - اجتمعوا وكان رسول الله ﷺ، قد كبُرَ عليه ما يرى من خلاف قومه إِياه، وإِنكارهم ما جاء به من النصيحة، فأحزنه ذلك حزنا شديدًا! فأنزل الله ﵎: ﴿فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ﴾. الآية.
وقال ابن جرير الطبرى ﵀ في تفسير هذه الآية:
وهذه معاتبة من الله عزَّ ذكره على وَجْده ﷺ بمباعدة قومه إياه فيما دعاهم إليه من الإيمان باللهِ والبراءة من الآلهة والأنداد، وكان بهم رحيما اهـ.
شُبهت حاله ﷺ، في شدة حزنه على إعراض قومه وتوليهم عن الإيمان بالقرآن - شبهت حاله هذه - بحال من يُتوقع منه إهلاك نفسه على عدم تحقق أمر أهمه، فقيل له رحمة به وإِشفاقا عليه: لا تهلك نفسك حسرة عليهم، بل هون عليك، وبلغ رسالة ربك، فمن اهتدى فإنما يهتدي لنفسه، ومن ضل فإنما يضل عليها.
ومثل هذه الآية في تسلية الله له رحمة به، قولُه سبحانه: ﴿لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ﴾ (١).
وأمثال هذه التسلية مَبْثُوثَة في القرآن الكريم، من رب به رحيم.
والمعنى الإجمالى للآية: فلعلك أيها الرسول مهلك نفسك أسفا، عقب انصرافهم عنك، إن لم يومنوا بهذا القرآن الذي هو حديث الله وكلماته، ووحيه إلى عباده - ليهتدوا به.