للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

نصرته بدفع الإهلاك عن جنته أو ردِّ ما هلك، أَو الإتيان بمثله من دون الله. لأنه سبحانه هو الفعال لذلك كله. فهو القادر وحده وبيده مقاليد السماوات والأرض.

﴿وَمَا كَانَ مُنْتَصِرًا﴾: أَي وما كان ممتنعا عن انتقام الله بما زعم لنفسه من قوة وجاه.

٤٤ - ﴿هُنَالِكَ الْوَلَايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ … ﴾ (١) الآية.

هذه الجملة تأكيد وتقرير للآية السابقة والمعنى في هذا الموطن وتلك الحال التي حلَّت بجنته. لن يجد مُنْقِذا له يدفع عنه ما نزل به. لأن النصرة والغلبة لله الحق. فلا يقدر عليها أحد غيره.

واستظهر أبو حيان كون هنالك إشارة إلى الدار الآخرة. ويكون الكلام تم عند قوله: ﴿مُنْتَصِرًا﴾ أَي تقع الموالاة لله الحق يوم القيامة من كل أحد - مؤْمن أو كافر - حين يقع العذاب لقوله سبحانه: ﴿فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ﴾ (٢). ﴿هُوَ خَيْرٌ ثَوَابًا وَخَيْرٌ عُقْبًا﴾: أي الله خير جزاءً في الدنيا والآخرة لمن آمن به واتبع سبيله، وخير عاقبة لأوليائه، بمعنى أَن الأعمال التي تكون له سبحانه. ثوابها خير، وعاقبتها حميدة.

وليس ثَمَّ غير الله يُرْجى منه نافع حتى يكون رجاءُ الله خيرا، من رجائه ولكنه ورد حسبما يقع في ظن الجهال لا بحسب الواقع تقريعا لهم وتوبيخا، وقد يقال إن التفضيل هنا على غير بابه، فلا ثواب ولا خير يومئذ إلا لله ظاهرًا وباطنًا.

﴿وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِرًا (٤٥)


(١) قرأ الأعمش وحمزة والكسائي الولاية. بكسر الواو والباقون بفتحها وهما بمعنى واحد بمعنى النصرة والغلبة وقيل الولاية بالفتح من الموالاة كقوله تعالى ﴿اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ من الآية ٢٥٧ البقرة، وبالكسر بمعنى السلطان والقوة، وقال أبو عبيدة إنها بفتح الواو للخالق وبكسرها للمخلوق.
(٢) سورة غافر: آية ٨٤.