للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[جرائمهم في عهد الإسلام]

قلنا إن سد يأجوج ومأجوج تخرب مصداقا لوعده تعالى: {فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ} الآية، وقد خرجوا من محبسهم في غزوات تخريبية، ومنها ما حدث في أوائل القرْن السابع الهجرى بقيادة ملكهم (جنكيزخان) حيث أغاروا على بلاد المسلمين فأطاحوا بمملكة (قطب الدين السلجوقى) ملك التركستان والفرس، وأخضعوا بلاد الهند، وهلك الطاغية (جنكيزخان) بعد رجوعه من الهند، وأَغار ابن أخيه (هولاكو) بجنوده على مقر الخلافة ببغداد في عهد الخليفة (المستعصم بالله) وذبحوا الخليفة، وعلقوا جثته بذيل حصان وأباحوا المدينة تسعة أيام سالت فيها الدماء أَنهارا، وطرحوا كتب العلم في نهر دجلة، ثم أذن الله بالنصر عليهم في عهد الملك (سيف الدين قطز) بعد أَن وصلوا في غزواتهم المدمرة إلى الشام، حيث جرد لهم جيشا عظيما من مصر والشام، وحاربهم في معركة فاصلة بعين جالوت، وهزمهم شر هزيمة، وأَجلاهم ولم تقم لهم بعدها قائمة.

وفي شأْنهم هذا روى البخاري بسندر عن زينب بنت جحش رضى الله عنها (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل عليها يومًا فزعًا يقول: لا إله إلا الله. ويل للعرب من شر قد اقترب، فتح اليوم من سد يأجوج ومأجوج مثل هذا، وحلق بإصْبَعَيهِ الإبهام والتى تليها قالت زينب بنت جحش: أنهلك وفينا الصالحون؟ ففال نعم إِذا كثر الخبث).

وتعبيره صلى الله عليه وسلم عن الفتحة بالسد وتصويره إياها بتحليقه بإصْبَعَيْه الإبهام والتى تليها، كناية عن بداية صغيرة لشرهم، ثم اتسع هذا الشر في أوائل القرن السابع الهجرى كما ذكرنا - والله تعالى أعلم.

التفسير

٩٩ - {وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعًا}:

بعد أن حكى القرآن الكريم عن ذى القرنين أَن هذا السد رحمة من ربه، ذكر في هذه الآية ما فعله الله تعالى بيأجوج ومأجوج بعد إقامة السد، وظاهر النظم الكريم أن الضمير في قوله تعالى: {بَعْضَهُمْ} عائد إلى يأجوج ومأجوج، وعليه اقتصر الفخر الرازى، واختاره صاحب البحر. والتَّرْكُ هنا بمعنى الجَعْل، وهو من الأضداد.

<<  <  ج: ص:  >  >>