والجواب: أن امتناعه عن أخذ المال لا يمنع من طلب عمال البناء والأدوات وقطع الحديد ليتقوى بذلك على تحقيق مرادهم على أن يدفع الأجر للعمال وثمن الحديد من ماله، على أن السد لما كان لمصلحتهم، فإن تبرعهم بالقوى العاملة، لا يعتبر عطاءً أو أجرًا على بنائه كما أن زبر الحديد قد تكون من منجم قريب من السد، فإحضارهم إياها، لا ينافى رفضه أجرًا منهم.
س ٢: كيف يطلب من عماله أن ينفخوا على السور بعد أن بناه بقطع الحديد، مع أن هذا النفخ لا يصهر الحديد دون أن يكون بين قطعه وقود مشتعل.؟ ..
والجواب: أن هذا النوع هو من الاختصار القرآنى المتروك فهمه لفطنة القارئ، وهو من الصور البلاغية للقرآن الكريم، ولا شك أنه أمرهم بوضع الوقود وإشعاله قبل أمرهم بالنفخ فيه، وأن الأمر بالنفخ قرينةٌ على ذلك.
س ٣: لماذا أسند ذو القرنين العمل في السد لنفسه بقوله: ﴿أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا﴾ كما حكى الله عنه أنه ساوى بين الصدفين وجعله نارا، مع أن كل ذلك تم بمباشرة مهندسيه وعماله .. ؟
والجواب: أنه لما كان ذلك يتم بأمره وإرشاد أسنده إلى نفسه على سبيل المجاز.
س ٤: كيف يستطيع العمال أن ينفخوا في السور قريبًا منه دون أن يحترقوا بناره، وكيف يفرغون عليه النحاس المذاب مع حرارته الشديدة وناره المتقدة، وارتفاعه العظيم وثخانته البالغة خمسين ذراعا على ما قيل؟
والجواب: أنه لابد أَن يكون ذو القرنين قد وصل إلى حل لهذه المشكلات، بحيث يمكنه تحقيق بنائه على النحو الذي تحدث به القرآن العظيم عنه، دون إضرار بأحد العاملين فيه، وكما أن العلم في عصرنا حل مشكلات كثيرة، فالعلم والحضارة والحكمة عند هؤلاء القدماء بلغت الذروة، فلابد أنهم استعملوا آلات وطرقا علمية لم يصل بعد أحد إلى معرفتها ولا تكاد العقول تصدقها، ما لم تعرف ما كان عليه هؤلاء العظماء، من العلم والحكمة والإبداع، وما معجزة بناء الأهرام عنا ببعيدة عن العيون والأبصار، وكم لله في خلقه من آيات وعظات.