ابن سعود جلوسا فذكرنا اصحاب النبي ﷺ وما سبقونا به، فقال عبد الله: إِن أمر محمد ﷺ كان بَيِّنًا لمن رآه، والذي لا إله غيره ما آمن أحد. قط إيمانا أفضل من إيمان بغيب. ثم قرأ ﴿الم (١) ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ (٢) الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ … ﴾ إلى قوله: ﴿ … الْمُفْلِحُونَ﴾.
وهكذا رواه ابن أبى حاتم وابن مردويه والحاكم في مستدركه، من طرق عن الأعمش بهذا الإسناد. وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين، ولها يخرجاه.
وكلام ابن مسعود ﵁ في هذا الأثر يشعر بان من لم يروا النبي -صلى إليه عليه وسلم- وآمنوا به، يعتبر إيمانهم برسالتِهِ إيمانا بالغيب، وأَن ذلك منقذ لهم.
ومعنى ﴿وَيُقِيمُونَ الصلَاةَ﴾: يؤَدُّونها في أوقاتها، كاملة الأَركان والسنن.
ومن كلام أمير المومنين عمر-﵁: من حفظها- اى الصلاة- وحافظ عليها حفظ دينه، ومن ضيعها كان لما سواها أضيع.
ومعنى قوله: ﴿وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ﴾: ومما أعطيناهم من فضلنا ينفقون.
وإسناد الفعل ﴿رَزَقْنَاهُمْ﴾ إلى ضمير الله تعاك، إشارة إلى أن الله تعالى، جعلنا مستخلفين عنه فيما ننفق من الرزق الممنوح لنا، ولم تبين جهة الصرف لغرض التعميم، فينبغى ألا نبخل بمال الله على خلق الله المحتاجين، وألا نشح على كل عمل معد لمصلحة الإسلام والمسلمين.
هذه هي الصفة الثانية للمتقين، وفي وصفهم بالايمان بما أنزل على النبي وهو القرآن، وما أنزل من سائر الكتب على من قبله من الرسل- بيان أن الإسلام يقر الرسالات السماويِّة في حينها، ولا ينكرها، وانه لا يفرِّق بين أحدٍ من رسل الله، على عكس اليهود والنصارى.
فاليهود ينكرون المسيحية والإسلام وكتابيهما، والمسيحيون ينكرون الإسلام وكتابه.
وقوله تعالى: ﴿وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ﴾: أي ويؤْمنون كذلك بالدار الآخرة، وما فيها من بعث وحشر وثواب وعقاب، والعبارة فيها قصر اليقين بالآخرة على المؤْمنين، وفي