الفهم والعبادة وهو ابن سبع سنين، وفي رواية أُخرى عن ابن عباس أَيضًا عن النبي ﷺ: قال الغلمانُ ليحيى بن زكريا ﵉: اذهب بنا نلعب، فقال أللَّعِبِ خلقنا؟ اذهبوا نصلى، فهو قوله تعالى: ﴿وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا﴾. قال الآلوسى، والظاهر أن الحكم على هذا بمعنى الحكمة، وقيل هي: بمعنى العقل .. وقيل النبوة، وعليه كثير، قالوا أُوتيها وهو ابن سبع سنين .... ولم ينبأْ أكثر الأَنبياء ﵈ قبل الأَربعين. انتهى كلام الآلوسى مختصرا.
أي وآتيناه رحمة عظيمة في قلبه، وشفقة على الناس ومحبة لهم، وآتيناه كذلك بركة عظيمة من عندنا، فجعلناه مباركا نفَّاعًا، معلمًا للخير وداعيا إِليه، وكان عظيم التقوى لله ﷿، وتقدم أنه ما هم بمعصية، فضلا عن اكتسابها.
أَي وكان يحيى ﵇ كثير الِبر والإحسان بوالديه، إِذ هما أقرب الناس إليه، وحقهما في الطاعة يلي حق الله ﷿، ولم يكن متكبرا على عباد الله متعاليًا عليهم بل كان لين الجانب متواضعًا كريما مطيعًا لربه قدوة في المكارم، وهذه الصفات التي وصف الله بها يحيى ﵇، هي صفات المؤمنين الكاملين، الذين بلَّغهم الله ﵎ أَعلى درجات الصلاح والتقوى. فسبحانه وتعالى أَعطى وأثنى.
وبعد أن أَثنى الله على يحيى بهذه الصفات الكريمة، اتبعها السلامَ عليه فقال عز من قائل:
أَي: وأَمانٌ منا على يحيى يوم ولدَ - من أَن يناله الشيطان بما ينال به بنى آدم؛ ويوم يموت - من وحشة فراق الدنيا وهول القبر؛ ويوم يبعث حيا - من أَهوال يوم القيامة.