أي توشك السموات - على تماسكها - أَن تتصدع من افترائه على الله، وأَن تنشق الأرض، وأَن تتحطم الجبال وتسقط أَجزاؤها، فإن الله تعالى مقدس عن نسبة الولد إِليه، وكيف يكون لله ولد، وهو بغير حاجة إليه ليعينه أَو ليرثه كما هو شأن البشر، تعالى الله عما يقولون علوًا كبيرًا، فهو حي لا يموت، قادر لا يعجزه شيءٌ.
٩١ - ﴿أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا﴾:
أي تكاد السموات والأرض أَن يحدث لها ما ذكر بسبب ادعائهم ولدًا للرحمن، فإنها فرية على الله لا تتقبلها بل تكذبها بما فيها من الإِبداع، فإنه شاهد بوحدانيته وتمام قدرته وعدم حاجته إلى اتخاذ ولد يعينه ﴿لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا﴾.
ولا يليق بكمال الله وعظمته أن يكون له ولد، فإن الوالد يتخذ الولد ليكون عونا له في شيخوخته وضعفه أو ليكون امتدادًا لحياته حين تنتهى حياته والله سبحانه غنى عن هذا كله ﴿مَا كَانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ سُبْحَانَهُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾ (١).
أي ليس في السموات والأرض إِلا عبيدًا لله سبحانه، وسيأتون بوصف العبودية يوم القيامة مهما كان شأنهم، وسيحاسبهم علمًا ما قدموه من خير وشر، فكيف يزعم الزاعمون أن له ولدا "تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبيرًا".
٩٤ - ﴿لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا﴾:
لقد حصرهم وأحاط بهم علمًا، وعدهم عدًّا، وأحصى عليهم أَعمالهم وأَفكارهم وأَنفاسهم، فلا حاجة به إلى ولد يعينه.