والتعبير بقوله: ﴿فِي الْأَرْضِ﴾، لتعميم دائرة الإباحة المذكورة، وإفساح مداها.
﴿وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ﴾ أي لا تسيروا تابعين للشيطان في أُموركم كلها من عقائد واكتساب للأرزاق، وتناول للمطاعم والمشارب، وغير ذلك من العبادات والمعاملات.
﴿إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ﴾ أي إنه عدو ظاهر العداوة لكم، فقد أخرج أبويكم: آدم وحواء من الجنة حَسَدًا لهما. والحسد كامن في نفسه لذرياتهما، والعداوة تابعة للحسد. فلا ينبغي لعاقل أن يستمع لما يزيِّنه له عدوه، ﴿أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا﴾ (١)؟!
وخلاصة الآيتين: لا تتبعوا وساوس الشيطان، لأنه لا يأمركم إلا بما يسوؤكم ويحزنكم في العاجلة أو الآجلة، وبما اشتد فحشه وقبحه من الذنوب، كالإشراك بالله والزنى وعقوق الوالدين، وادعاء أن الله حرم ما لم يحرمه: كذبح البحيرة والسائبة، أو حلل ما لم يحلله: مثل شرب الخمر وأكل الربا، ومن كان شأنه الأمر بذلك، فلا يصح اتباع وساوسه.