للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿وَلَا يُزَكِّيهِمْ﴾: أي ولا يطهرهم من دنس الذنوب.

﴿وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾: أي ولهم عذاب مؤلم، بسبب كتمانهم الحق عن عباد الله.

١٧٥ - ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى وَالْعَذَابَ بِالْمَغْفِرَةِ فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ﴾.

المعنى: أُولئك المستحقون لهذا العذاب الأليم، هم الذين استبدلوا في الدنيا الضلالة التي ارتضوها لأنفسهم، بالهدى الذي رفضوه، وكتموه عن غيرهم، واستبدلوا في الآخرة العذاب بالمغفرة، فأي شيءٍ أصبرهم على النار، مع أنها لا يمكن الصبر عليها.

و (مَا) في قوله تعالى: ﴿فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ﴾: استفهامية، لغرض التعجيب، كما قال الفراءُ.

١٧٦ - ﴿ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ نَزَّلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِي الْكِتَابِ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ﴾.

ذلك الذي تقدم من الجزاء الشديد المترتب على الكتمان، حاصل بسبب أن الله نزل القرآن بالحق، فلا يصح أن يكتم أمره وأمر من جاء به، ولا أن يُفْتَرَى عليه، وإن الذين اختلفوا في شأنه لفي خلاف بعيد عن الحق، موجب لأشد العذاب، فإن منهم من يقول: هو سحر، ومنهم من يقول: هو شعر، ومنهم من يقول: أساطير الأولين، ومنهم من يقول: افتراه على الله كذبًا، أم به جِنة، ومنهم من يقول: إنما يُعلمه بشر.

ويرى بعض المفسرين: أن المراد من الكتاب: جنس الكتب التي أنزلها الله، وأن المعنى: ذلك العذاب بسبب أن الله نزَّل كتبه بالحق، فلا جرم أن يعذب من يكتمها، أو يكذبها.

وإن الذين اختلفوا في كتب الله، بأن آمنوا ببعضها، وكفروا بالبعض الآخر، وأساءوا تأويل بعضها، وكتموا بعضها الآخر - إن هؤلاء - لفي خلاف بعيد عن الحق والصواب، مستوجب لأشد العذاب.