في أَرجائها، وامتلاء أَرضها بالأَشجار، ووفرة الأَرزاق فيها. ثم هاجر لوط إِلى المؤتفكة حيث أَرسله الله إِلى قومها المشهورين بفعل الخبائث وستأْتى قصته معهم قريبا في هذه السورة.
وفي تعميم البركة للعالمين ما يفيد أن الذي بها من خيرات ليس مقصورا على أَهلها، ولعل ذلك أَكثر وضوحا في جانب الهداية، لأَن نور الرسالات والنبوات انتشر من هذه البقاع إِلى العالمين، ولم يكن حبسا على المقيمين فيها ولا مختصا بهم.
وقد انتشرت في أَرض الشام دعوة إِبراهيم ﵇، كما أَنها عمت أَرض الحجاز حيث بنى البيت الحرام، ودعا الناس من حوله إِلى عبادة الله وحج بيته الحرام، إِلى غير ذلك من جهات الأَرض التي زارها.
يعدد الله نعمه على إبراهيم ﵇، فإِنه - تعالى - قد نَجَّاه من النار ثم هيَّأَ له ولابن أَخيه لوط الذهاب إِلى الأَرض المباركة، وبعد أن استقر به المقام منَّ الله عليه بنعمة الذرية ليكونوا امتدادًا له في أَداءِ رسالة الله في الأرض، فوهب له من زوجته (سارة) إِسحاق ومن وراء إِسحاق يعقوب.
والتعبير عن رزقه بإِسحق وابنه يعقوب بأَنه هبة ونافلة؛ لأنهُ رُزِقَهما في أَعلى سن اليأْس، والنافلة في اللغة قد تطلق على: العطية، وعلى هذا تكون (نَافِلَةً) حالا من إسحاق ويعقوب، ويجوز أَن تكون حالا من يعقوب وحده، فقد قيل: إِن هبة إِسحاق كانت إِجابة لدعوة إِبراهيم: ﴿رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ﴾ (١) وهبة يعقوب كانت زيادة وعطية له من غير سؤال منه لربه ﷾.
﴿وَكُلًّا جَعَلْنَا صَالِحِينَ﴾: أَي وكلا من إِبراهيم ولوط وإِسحاق ويعقوب جعلناهم طائعين لنا عاملين بأَوامرنا مجتنبين محارمنا.