للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

٨١ - ﴿وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عَالِمِينَ﴾:

وهذا هو الإِنعام الأول الذي خص الله به سليمان .

ومعنى النظم الكريم: وسخرنا لسليمان الريح شديدة الهبوب، فلا يعوقها عائق ولا يقف شئٌ دون سيرها، فهى تتخطى كل ما يعترضها وتتغلب عليه.

﴿تَجْرِي بِأَمْرِهِ﴾: أَي تطيعه وتنقاد له فإِن أَرادها سريعة شديدة أَسرعت واشتدت، وإِن أَراد منها غير ذلك كانت على حسب ما يريد ويحكم، تتجه وفق مشيئته به وبرجاله في ليل أَو نهار.

﴿إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا﴾: إِلى أَرض الشام التي باركنا فيها، حيث جعلناها مكان الخصب العميم، والخير الكثير، والماءِ الوفير، والشجر النضير، وهى فوق ذلك مهبط كثير من الرسالات ومهد معظم الأَنبياءِ، فالبركة تشملها حسًّا ومعنى.

﴿وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عَالِمِينَ﴾ أَي: وكنا بكل شيءٍ سخرناه في الكون عالمين بطريقة تسخيره، وتدبير أَسبابه وآثاره، فلهذا سخرنا لسليمان هذه المخلوقات التي تعجز قدرته عن أَن تسيطر عليها، وكل ذلك إِنما يجرى حسبما تقتضيه حكمتنا ويحيط به علمنا.

٨٢ - ﴿وَمِنَ الشَّيَاطِينِ مَنْ يَغُوصُونَ لَهُ .... ﴾ الآية.

وهذه هي النعمة الثانية التي اختص الله بها سليمان .

والمعنى: وسخرنا لسليمان بعض الشياطين من الجن ينزلون في أَعماق البحار يستخرجون له من الجواهر والنفائس ما يحتاج إِليه ملكه.

﴿وَيَعْمَلُونَ عَمَلًا دُونَ ذَلِكَ﴾: من بناءِ المدن والقصور والحصون ويصنعون الصنائع العجيبة كما قال الله تعالى: ﴿يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ﴾. (١)

﴿وَكُنَّا لَهُمْ حَافِظِينَ﴾: أَي وكنا للشياطين حافظين من أَن يزيغوا عن أَمره أَو يفسدوا ما عملوه أَو يضروا رعيته، وكان أَمرهم معه كما قال تعالى: ﴿وَمَنْ يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ﴾ (٢).


(١) سورة سبأ، من الآية: ١٣
(٢) سورة سبأ، من الآية: