التقوى الحقيقية الصادقة التي يتصف بها المؤمن الصادق. أَمَّا تقوى الأَعضاءِ، فالمراد بها التقوى الصورية الكاذبة التي يتصف بها المنافق الذي كثيرًا ما تخضع أَعضاؤُه، وقلبه لاه.
أَي: لكم في الهدايا منافع دنيوية في أَلبانها، وأَصوافها، وأَوبارها، وأَشعارها، ونسلها وركوبها إلى وقت إِيجابها وبعثها هَدْيًا، وحينئذ ليس لكم شئٌ من منافعها، قاله ابن عباس. وقال عطاءٌ: منافع الهدايا بعد إِيجابها وتسميتها هديا أَن تُرْكب ويشرب لبنها عند الحاجة إِلى أَجل مسمى وهو وقت النحر. وقال مجاهد: فإِذا سُمَّيَتْ بدنةً أَو هدْيًا ذهب ذلك كله.
وقال آخرون: بل له أَن ينتفع بها وإِن كانت هَديا إِذا احتاج إِلى ذلك، كما ثبت في الصحيحين. (عن أَنس أَن رسول الله ﷺ رأَى رجلًا يسوق بدنة قال: اركبها. قال إِنها بدنة، قال: اركبها ويحك) ويؤْخذ من ذلك: أَن للمُهدين أَن ينتفعوا بهداياهم ما داموا في حاجة إِلى الانتفاع بها، وذلك بركوبها، وشرب لبنها - بعد ريِّ فصيلها - إِلى وقت ذبحها.
﴿ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ﴾:
﴿مَحِلُّهَا﴾: أَي وجوبها، فهى مصدر ميمى مأْخوذ من حَلَّ الدين إذا وجب أَداؤُه، والمراد أَن وجوب نحرها ينتهى في الحرم إلى جوار البيت العتيق، إِكراما لزواره، وتعظيما لمكانه، وقد ورد في الحديث:"كل فجاج مكة منحر، وكل فجاج منى منحر" قال القفال: وهذا في الهدايا التي تبلغ منى، وأَما الْهَدْىُ الْمُتَطَوع به إذا عطب قبل بلوغ مكة، فمنحره موضعه.
وقيل: الشعائر: المناسك كلها. وتعظيمها: إتمامها. والمعنى لكم فيها منافع من الأَجر والثواب في قضاءِ المناسك إِلى انقضاءِ أَيام الحج، ثم تَحلُّلُ الناس من إِحرامهم إِلى البيت العتيق أَي: منتهٍ عنده بأَن يطوفوا طواف الإفاضة يوم النحر.