الله عليه وسلم - في حجة الوداع في خطبته، يقول:"إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث".
فهذا الحديث وذاك، أفهما أن الرسول ﷺ أخبرهم أن آية المواريث نسخت وجوب الوصية للوالدين والأقربين، المأخوذ من هذه الآية.
والقائلون بنسخ وجوب الوصية اختلفوا:
فمنهم من قصر النسخ على الذين يرثون، وأبقى وجوبها فيمن لا يرثون، كأن يكون الوالدان أو الأقارب كافرين، أو يكونوا مؤمنين، ولكنهم حجبوا من الميراث، كابن الأخر الذي حرم بأخ، وكذوي الأرحام.
فالوصية واجبة لهؤلاء وأمثالهم عند بعض من قال بالنسخ. وممن قال بذلك: ابن عباس وعلى ﵄ روى عن على أنه قال: من لم يوص عند موته لذوي قرابته ممن لا يرث، فقد ختم عمله بمعصية.
ومنهم من قال: إن الوجوب نسخ في حق الجميع، ولكنها مستحبة في حق الذين لا يرثون، وإلى هذا الرأي ذهب الأكثرون.
وقيل إن هذه الآية لم تُنسخ بآيات المواريث، بل حدد بها ما كان الموصى حرًا في تحديده بمقتضى هذه الآية. فقد رأى الحكيم - سبحانه - أنه قد لا يحسن التدبير في مقدار ما يوصي به لكل واحد من أقاربه، ولا يعرف من هو أولى بالوصية من سواه، وقد يقصد المضارة. فتولت حكمته تعالى بيان ذلك الحق، بما أنزله من آيات المواريث متفقًا مع الحكمة والمصلحة، حيث حصر الأنصباء في النصف والربع والثمن، والثلثين والثلث والسدس وعين أصحابها، وما فضل - بعد أصحاب الفروض - أعطاه لأولي الذكور العصبات، وَبَيَّنَ دَرجاتهِم، فتحول التقسيم بآيات المواريث من الموصي - كما كان شائعًا - إلى المولى ﷾، فقال في سورة النساء: ﴿يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ … ﴾ (١) الخ أي يوصيكم في ورثتكم -