منهم إلا أَحصاها، والمراد بالكتاب: صحائف أعمالهم التي ترفعها الملائكة، وَيُكَلَّفُ أَصحابها بقراءَتها عند الحساب والجزاء. وقيل: المراد بالكتاب صحائف يقرأونها، فيها ما ثبت في اللوح المحفوظ، وهو يُظهر الحق المطابق للواقع على ما هو عليه ذاتا ووصفا وجزاءً ويبينه للناظر واضحا كما يبينه النطق به. ﴿وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ﴾: ذكرت هذه الجملة لبيان أَن عدله سبحانه يكون على أتم وجه وأَكمله في الجزاء، وذلك إثر بيان رحمته، ولطفه في التكليف، وأَن كتب أَعمالهم تعرض عليه سبحانه وفق واقعهم.
والمعنى: أنهم يوم القيامة لا يقرأون في كتبهم إلا ما هو صدق وعدل، فلا زيادة فيها ولا نقصان، ولا يُظلم منهم أَحد بزيادة عقاب، أو نقص ثواب.
في هذه الآية انتقال من بيان حال المؤمنين إِلى بيان حال الكفار.
والمعنى: بل قلوبهم في غفلة غامرة أَعْمتهم عن الذي بُيِّن في القرآن منْ أَن لديه تعالى كتابا ينطق بأعمالهم السيئة على رءُوس الأشهاد، فيجزون بها، ويعاقبون عليها، أَو أَعْمتهُم عما عليه المؤمنون الموصوفون بما سبق من الصفات الكريمة.
وقيل: الإِشارة إِلى القرآن وإِلى ما بُيِّن فيه مطلقا، روى ذلك عن مجاهد.
﴿وَلَهُمْ أَعْمَالٌ مِنْ دُونِ ذَلِكَ﴾: أَي ولهم أَعمال سيئة كثيرة سوى غفلة قلوبهم عن أَن عند الله كتابا ينطق بالحق.
﴿هُمْ لَهَا عَامِلُونَ﴾: وعليها مقيمون، وبها مستمسكون، لا ينفكون عنها بغيا وطغيانا.
أَي: لا يزالون يعملون أعمالهم الفاسدة إلى حين أَخْذ مترفيهم بالعذاب، فيضجون ويرفعون أصواتهم فزعين، قال ابن عباس وغيره،: كان ذلك في يوم بدر؛ فقد قتل منهم في ذلك اليوم عدد كثير من صناديد قريش ورؤسائهم الذين أَفاء الله عليهم بكثرة المال والبنين.
وقال الضحاك: يراد بالعذاب: الجوع الذي نزل بهم حين دعا عليهم النبي ﷺ فقال: "اللهم اشدد وطأتك على مُضَر، اللهم اجعلها علبهم سنين كسِنِي يوسف" فابتلاهم الله بالقحط والجوع حتى أَكلوا الميتة والجيَفَ، وهلكت الأموال والأو