للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

تابعة لمشيئة الله - تعالى - طبقًا لحكمته، قال تعالى: ﴿فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شَاءَ﴾ (١).

وقد يُبدّل الله للعبد خيرًا مما طلبه، أو يدخر له دعاءَه في الآخرة، فيحط عنه من سيئاته ما شاء، أو يوليه فضلًا منه ورحمة.

ففي الحديث الصحيح عن أبي سعيد قال: قال رسول الله : "ما من مسلم يدعو بدعوة، ليس فيها إثم، ولا قطيعة رحم، إلا أعطاه الله إحدى ثلاث: إما أن يعجل له في الدنيا، وإما أن يدخر له، وإما أن يكف عنه السوء بمثلها. قالوا: إذن نكثر، قال: الله أكثر".

رواه مالك في الموطأ، كما رواه غيره.

والدعاء: ترجمان العبودية والخضوع والاستسلام من العبد لربه، وإيمانه بأن الأُمور كلها بِيَدَيْ مولاه - سبحانه -.

ولذا صح عن الرسول : "الدعاءُ مخ العبادة". وللدعاء آداب هامة، ذكرها الإمام الغزالي في الجزء الأول من الإحياء.

﴿فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي﴾: أي فليطلبوا إجابتي بالدعاءن لأن السين والتاء للطلب، أو فليجيبوني إذا دعوتهم للإيمان والطاعة، كما أني أُجيبهم إذا دعوني لحاجاتهم.

واستجاب وأجاب بمعنى واحد، غير أن الاستجابة أقوى.

﴿وَلْيُؤْمِنُوا بِي﴾: أي وليدوموا على الإيمان بي.

﴿لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ﴾: أي ليهتدوا إلى مصالح دنياهم وأُخراهم.

وقد عقبت أحكام الصيام المذكورة بقوله: ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ … ﴾ الآية، للإيذان بأنه تعالى خبير بأفعالهم، سميع لأقوالهم، مجازيهم على أعمالهم، تأكيدًا لتلك الأحكام وحثًّا عليها.


(١) الأنعام: ٤١.