تهويلًا لأَمره، فإنه يشير إِلى أَن مثله تضيق العبارة عن بيانه، فكأنه قيل: لولا تفضل الله ورحمته عليكم، وأَنه تعالى من شأْنه قبول توبة التائبين، ولولا الحكمة في أَقواله وأَفعاله وأَحكامه - لولا ذلك كله - لكان ما يقصر عنه البيان، ومن ذلك أَنه لو لم يشرع اللعان للقاذف والمقذوف من الزوجين، لوجب على الزوج حد القذف مع أَن الظاهر صدقه، لأنه أَعرف بحال زوجته، وأَنه لا يفترى عليها لاشتراكهما في الافتضاح ولوجب عليها حد الزنى بلعانه لو لم يُشْرع لها اللعان كما يقوله الشافعية ومن يرى رأيهم، فجعل لعان كل منهما سببًا لدرء العذاب عنه - مع الجزم بأَن أحدهما كاذب، ولأَن في قذف الزوج لزوجته الزانية وشهادته عليها في فجتمع التقاضى شفاءٌ لما في نفسه من جرح عميق بسبب جريمة زوجته وخيانتها، ولأن لعان الزوجة ضده فيه ستر في الدنيا، ولولاه لكان لأَهلها وأَولادها سمعة شنيعة بين الناس، فهو يشبه ردَّ الشرف الذي سلبه لعانه منها، وأَمر كليهما مفوض لخالقه، فهو أَعلم بالصادق والكاذب منهما ومُجَازٍ له على صدقه. أو كذبه، ولقد شرع الله ما هو أَستر للزوجين وذريتهما وأهليهما، وهو أَن يطلق الزوج زوجته إِذا عرف زناها، دون أَن يعلم الناس بما حصل منها، ففي ذلك درءٌ للشناعة والفضيحة التي تحدث من تلاعنهما في المسجد على المنبر أَمام الناس، كما يقول به الفقهاءُ - تغليظًا عليهما - والله تعالى أَعلم.