للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

من الأحاديث فلا يعدل بها عنهم - واختاره ابن جرير، ووجهه بأن الكلام القبيح أولى بأهل القبح من الناس، والكلام الطيب أَولى بالطيبين منهم، فما نسبه أَهل النفاق إلى عائشة هم أولى به، وهي أولى بالبراءِة والنزاهة منهم، ولهذا قال: ﴿أُولَئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ﴾ (١) ولهذا ختم الله الآية بما هونتيجة لهذه المقدمة فقال:

﴿أُولَئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ﴾: أي أَن أهل هذا البيت الكريم بعَدَاءُ عما يقوله أَهل الإفك والعدوان لهم، بسبب ما قيل فيهم من الإفك مغفرة عظيمة لما لا يخلوعنه البشر من الهفوات أَولما يعد بالنسبة إليهم هفوات، وإن كان بالنسبة لغيرهم مكرمات، فإن حسنات الأبرار سيئات المقربين، ولهم بسبب ذلك رزق عظيم في جنة الرحمن الرحيم.

وبعد، فإن نزول هذه الآيات العظيمة في تبرئة أُم المؤمنين عائشة، فيه مزيد اعتناءٍ بشرف الرسول وكرامته على الله، وجبر لقب صاحبه أبي بكر الصديق وكذا قلب زوجته أُم رومان، فقد اعتراها من حديث الإفك هَمٌّ جسيم، كما أن فيه تكريما لعائشة لمزيد انقطاعها إلى الله ﷿ ولجوئها إليه في محنتها.


(١) انظر ابن كثير.