وروى: كانت له ست جوار: معاذة، ومسيكة، وأُميمة، وعَمْرَة، وأَرْوَى، وقُتَيْلَة، يكرههن على البغاءِ، وضرب عليهن ضرائب، وروى عن علي وابن عباس أَنهم كانوا في الجاهلية يُكرهون إِماءَهم على الزنى، ويأخذون أُجورهن فنهوا عن ذلك في الإِسلام، إلى غير ذلك من الروايات والآية عامة الحكم وإن نزلت بسبب خاص.
وليس قوله تعالى: ﴿إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا﴾ شرطا لتحريم الإِكراه في الحقيقة، فإِن الإكراه على الزنى حرام في كل حال، بل المراد منه تهويل جريمة سادتهن، حيث أَكرهوهن على الزنى مع رغبتهن في العفة - كما جاء في سبب النزول (١).
والمعنى الإِجمالى للآية: وليجتهد في العفة وكبح النفس عن شهواتها، من لا يجدون أَسباب النكاح من صداق أَو نفقة أَو زوجة مناسبة لحالهم، أَو مسكن يؤويهم وذلك بالاشتغال بتقوى الله، وليصبروا حتى يغنيهم الله من فضله، وعليهم أَن يأْخذوا في أَسباب الغنى ليغنِيَهم الله تعالى فيتزوجوا عن غنى، والأَرقاءُ الذين يرغبون في أَن يكاتبهم سادتهم على العتق في مقابل جُعْلٍ يبذلونه لسادتهم، فعلى هؤلاءِ السادة أَن يكاتبوهم إِن عرفوا فيهم خيرا في الدين وقدرة على السداد، ووفاءً بالعقد، وأَن يعطوهم من مال الله الذي آتاهم، ولو بالنزول عن بعض العوض الذي كاتبوهم عليه، وليساعدهم المؤمنون ببعض زكاة أَموالهم أَو بالتصدق عليهم.
ولا تكرهوا - أَيها المسلمون - جواريكم على الزنى إِن أَردن تعففًا - كما فعله بعضكم - يبتغون بذلك متاعا فاسدًا من متاع الحياة الدنيا، ومن يكرههن على الزنى، فإِن الله من بعد إكراههن غفور لهن رحيم بهن، لأَنهن مُكْرَهَاتٌ عليه، أَو غفور رحيم للتائبين من السادة الذين أكرهوهن.
هذا كلام مستأْنف جئَ به لبيان وضوح الآيات السابقة وجلالة قدرها، وصدر بلام القسم وقد، لإِبراز كمال العناية بشأْنه، أَي: وبالله لقد أَنزلنا إِليكم في هذه السورة
(١) ومما قيل في الجواب عن قوله تعالى: ﴿إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا﴾: أنه شرط لا مفهوم له؛ حيث أبطله الإجماع على تحريم الإكراه على البغاء مط