للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وأخرج ابن أَبي حاتم عن سعيد بن المسيب أنه قال: يستأذن الرجل على أمه، وأخرج البخاري في الأدب، وابن أَبي حاتم وغيرهما عن عطاء أَنه سأل ابن عباس أأَستأذن على أختي؟ قال: نعم، قلت: إنها في حجرى - أي: في كفالتى - وأَنا أنفق عليها، وإِنها معى في البيت، أَأَستاذن عليها؟ قال: نعم - ثم قال: فالإذن واجب على خلق الله أجمعين (١).

وروى عنه أَنه قال: إِنى لآمر جارتي - يعنى زوجته - أن تستأذن عليّ، وحمل بعضهم الآية على أَطفال المؤمنين الأجانب إِذا بلغوا، وقال بعض الأجلَّة: المراد بهم: ما يعم البالغين من الأحرار والمماليك، فهؤلاء وأولئك هم الذين يستأذنون في جميع الأحوال (٢).

والمعنى الإجمالي للآية: وإِذا بلغ الأطفال الحلُم منكم أَيها المؤمنون فليستأذنوا في جميع الأحوال كما استأذن الذين ذكروا من قبلهم في قوله - تعالى -: ﴿لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا﴾ وعليكم أَن ترجعوا إذا قيل لكم: ارجعوا، مثل ذلك البيان الواضح يبين الله لكم آيات أحكامه، والله عليم بمصالحكم، حكيم فيما يشرعه لكم.

٦٠ - ﴿وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾:

أَي: والنساءُ العجائز اللاتى قعدن عن الحيض والحمل، ولا يطمعن في الزواج لكبرهن فليس عليهن حرج في أَن يخلعن ثيابهن الظاهرة التي لا يفضى خَلْعها إلى كشف العورة، كالرداء والقناع الذي يكون فوق الخمار (٣)، وعليهن ألا يظهرن زينة أمر الله بإخفائها في قوله - تعالى -: ﴿وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ﴾ وأَن يستعففن بالستر أَفضل لهن؛ لأنه أَبعد عن التهمة، وأدعى إِلى الخير، والله سميع لمقالتهن للرجال، عليم بمقاصدهن فيحاسبهن عليها.


(١) ولعل استئذان المحارم البالغين إنما يطلب في غير الأوقات، التي وردت في الآية التي قبلها إذا كان الباب مغلقا، فإن كان مفتوحا فإنه لا حاجة لاستئذانهم علي محارمهم، لأن فتح الباب فيه إذن ضمني.
(٢) انظر الألوسى.
(٣) الخمار - بكسر الحاء -: غطاء الرأس، ويقال له: النصيف.