أي: يقول هؤلاء المعبودون يوم يحشرهم وعابديهم جوابًا لسؤال المولى لهم: ﴿أَأَنْتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي هَؤُلَاءِ أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ﴾ يقولون: متعجبين مستنكرين: تنزيها لك يا الله عن الشريك والنظير؛ ما كان يصح لنا ولا يستقيم أَن نتخذ أَولياءَ نعبدهم متجاوزين إِياك.
فكيف يصح منا أن نحمل غيرنا على أن يَتخذ وليًا غيرك، فضلًا عن أن يتخذنا له أولياء.
ويصح أَن يكون المعنى: ما كان يصح لنا أَن نتخذ من دونك اتباعًا، فإن الولى كما يطلق على المتبوع يطلق على التابع، ومنه أولياء الشيطان، أي: أَتباعه.
وبعد أَن برأوا أَنفسهم من تبعة إضلال عابديهم عن الهدى، استدركوا مبينين. مسئوليتهم وحدهم عن ضلال أنفسهم قائلين:
أي: ما أَضللناهم، ولكن متعتهم وآباءهم بأنواع النعم ليعرفوا حقها ويشكروها، فاستغرقوا في الشهوات وانغمسوا فيها، حتى غفلوا عن ذكرك، وشكرك، والإيمان بتفردك بالربوبية، وعبدوا غيرك، وكانوا في علم الله قومًا هالكين، بسبب سوء اختيارهم، وانشغالهم عن الحق بالباطل.
في هذه الآية صرف الله الخطاب عن المعبودات، ووجهه للعابدين، فالآية حكاية لاحتجاج الله عليهم يوم القيامة، مبالغة في تقريعهم وتوبيخهم.
أي: فقال الله تعالى للعابدين: قد كذبكم المعبودون فيما تقولونه من زعمكم أُلوهيتهم، وأنهم حملوكم على عبادتهم، فما تملكون صرفًا للعذاب عن أَنفسكم، ولا عونًا يخلصكم منه إِذا نزل بكم، ومن يظلم نفسه منكم أَيها المكلفون بعبادة غير الله، أَو بأي لون من أَلوان الكفر: نذقه في الآخرة بالنار والزمهرير عذابًا كبيرًا لا يقادر قدره.