للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

حيث طلبوا إنزال الملائكة لتشهد بصدق محمَّد أَو لتبليغ أَمر الله ونهيه بدلًا منه، أَو أَن يروا الله عيانًا - ليخبرهم بما يريده منهم أَو ليشهد بنبوة محمَّد قالوا كل ذلك وطلبوه؛ مستكبرين أَن ينقادوا لبشر مثلهم أيده الله بما يوجب إيمانهم بما جاءَهم به من الحق المبين، ولو أنزل الله إليهم الملائكة لما آمنوا، كما قال تعالى: ﴿وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَى وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلًا مَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ (١)﴾.

٢٢ - ﴿يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلَائِكَةَ لَا بُشْرَى يَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ وَيَقُولُونَ حِجْرًا مَحْجُورًا﴾:

استئناف مسوق لبيان ما يَلْقَونَه عند موتهم بسبب كفرهم: أي: اذكر حال هؤلاء المجرمين يوم يرون الملائكة عند الموت؛ لا بشرى لهُم بخير يومئذ منهم، بل تبشرهم بالنار وغضب الجبار فتقول للكافر عند خروج روحه: أَيتها النفس الخبيثة في الجسد الخبيث اخرجى إلى سموم، وحميم، وظل من يحموم؛ كما يقول تعالى: ﴿وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُوأَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ﴾ (٢).

وهذا بخلاف حال المؤمنين وقت احتضارهم، فإنهم يبشرون بالخيرات، وحصرل المسرّات كما قال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ﴾ (٣).

وقيل: ﴿يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلَائِكَةَ﴾: يعنى يوم القيامة قاله مجاهد والضحاك وغيرهما وما تقدم أَولى، وهذا لا يمنع من أَنهم لا يبشرون بخير يوم المعاد، فإن الملائكة في هذين اليومين: يوم الممات ويوم المعاد، تتجلى للمؤمنين وللكافرين، فتبشر المؤمنين بالرحمة والرضوان،


(١) سورة الأنعام، الآية: ١١١
(٢) سورة الأنعام، من الآية: ٩٣
(٣) سورة فصلت، الآية: ٣٠