وقوله: ﴿فَقَدْ كَذَّبْتُمْ﴾ معناه: فقد كذب الكافرون منكم، وإِذا كان التكذيب حالهم مع قيام الحجة عليهم فسوف يكون العذاب لازمًا ثابتًا لهم.
واختار غير واحد أَن الآية كلها خطاب لكفار قريش، والمعنى على هذا قل لهؤُلاء المشركين: ما يعبأُ بكم ربي لولا دعاؤه إِياكم إلى التوحيد تقويمًا لوجودكم، وتنظيمًا لسلوككم، وارتفاعًا بأَعمالكم عن العبث، حتى لا تكونوا هملًا كالبهائم تسيرون لغير غاية، وتعملون لغير هدف، وتنتهون إلى النار، فقد كذبتم مع قيام الحجة عليكم فكان العذاب لزامًا لكم ما بقيتم على كفركم.
وهكذا: تنتهى سورة الفرقان، وقد تضمنت آياتها تصنيف الخلق إلى صنفين: صنف كذب وأغرق في الكفر، والعناد، ومعارضة الرسول ﷺ وقال: القرآن أَساطير الأَوليين، وعاب أَن يكون الرسول ﷺ بشرا يأْكل الطعام ويمشى في الأَسواق، واقترح نزول الملائكة أَو رؤية الله تعالى وعارض نزول القرآن مُنجَّما، وعَمِىَ بصره وطمست بصيرته عن تدبر آيات الله في كونه؛ فاستحق عذاب جهنم خالدا فيها ساءت مستقرًا ومقاما.
وختمت بصنف آخر استجاب للدعوة، وصدق الرسالة والرسول ﷺ وأَخلص في العبادة والتوحيد، وجد في الطاعة فروضها ونوافلها، وجانب المحرمات، وخالف الشهوات، وتحلَّى بكريم الصفات، فاستحق الجزاء الكريم، في نعيم الجنة خالدا فيها حسنت مستقرًّا ومقاما.