﴿فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ﴾: أي فلما تقابل الجمعان بحيث يرى كل فريق صاحبه ﴿قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ﴾: أي ملحقون فهالكون على أيدى هؤلاء الذين جَدُّوا في السير وراءنا يريدون إعادتنا للاستعباد أو إهلاكنا، وقد أكدوا مخاوفهم هذه بالجملة الإسمية المؤكدة بإنَّ واللام.
أي: لن يدركوكم ﴿إِنَّ مَعِيَ رَبِّي﴾ بالنصرة على العدو والحفظ والعون.
﴿سَيَهْدِينِ﴾ قريبًا إلى ما فيه نجاتكم منهم ونصركم عليهم؛ لأن الله دبر الأمر وسيحقق النصر فهو الذي أوحى إليَّ بالإسراء ووجهكم للخروج وسيقضى عليهم، وعبَّر بقوله: ﴿إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ﴾ دون أن يقول: ﴿إنَّ مَعنا رَبِّنا سَيَهْدِينِا﴾ للإيذان بأن بني إسرائيل مكرمون بالهداية إلى النجاة من الغرق تبعًا لرسولهم موسى وكرامته على ربه، أما هم فليسوا جديرين بالحفظ من الغرق والنصر على العدو، فإنهم عقب نجاتهم طلبوا من موسى أن يجعل لهم إلهًا كآلهة الشعوب حولهم، وعبدوا العجل الذي قدمه السامري لهم، وقالوا لموسى: ﴿فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ﴾ هم الذين أفسدوا في الأرض وعلوا علوًّا كبيرا، ولأجل هذا المقصد حكى الله عن نبيه محمَّد ﷺ أنه قال لأبي بكر وهما في الغار، والمشركون على بابه، والخطر محدق بهما والحزن يملأ قلب أبي بكر خوفًا على الرسول: ﴿لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا﴾ فإنه تعالى كان مع رسوله وصديقه لوفائه لربه ونبيه.