وتفصيلا لها لكونها أدخل في اقتضاء تخصيص العبادة به تعالى، وقصر الالتجاء في جلب المنافع، ودفع المضار العاجلة والآجلة على الله سبحانه.
﴿فَهُوَ يَهْدِينِ﴾: عطف على الصلة، أي: فهو يهدينى وحده - جل شأنه - إلى كل ما يهمنى ويصلحنى من أمور الحياة الدنيا وشئون المعاد هداية متجددة مع الاستمرار من مبدأ الحياة كما ينبئ عنه الفاء وصيغة المضارع، فإنه تعالى يهدى كل ما خلقه لما خلق له هداية يتمكن بها من جلب منافعه ودفع مضاره، إما طبعا وإما اختيارا، مبدؤها بالنسبة للإنسان هداية الجنين لامتصاص دم الطمث، ومنتهاها الهداية إلى طريق الجنة والتنعم بنعيمها المقيم.
٧٩ - ﴿وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ﴾:
الموصول عطف على الموصول الأول، وإنما كرر الموصول في المواضع الثلاثة مع كفاية عطف ما في حيز الصلة من الجُمَل على صلة الموصول الأول، للإيذان بأن كل واحدة من هذه الصلات نعت جليل له تعالى مستقل في استيجاب الحكم، حقيق بأن يتصف بها - سبحانه - ويشكر عليها، ويعبد من أجلها.
أي: فهو خالقي ورازقي بما سخر ويسر من الأسباب السماوية والأرضية، فساق المزن وأنزل الماء عذبا زلالا وأحيا به الأرض، وأخرج به من كل الثمرات رزقا للعباد.
وجئ بلفظ (هو) في صدر الصلة دون ذكره مع الخلق لشيوع إسناد الإطعام والسقى إلى غيره ﷿ فلهذا أعاد الحق في الإطعام والسقي إلى مصدره والمنعم به سبحانه، بخلاف الخلق فإنه لا يستعمل في غيره، فلهذا لم يحتج إلى ضمير، فالله سبحانه هو الذي ينبت لعباده طعامهم وغذاءَهم وينزل لهم من السماء ماء ليسقيهم، ولا دخل لهذه الآلهة في شيء من ذلك، فكيف أعبد سواه؟.
٨٠ - ﴿وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ﴾:
عطف على ﴿يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ﴾ نظم معهما في سلك الصلة لموصول واحد؛ لأن الصحة والمرض ينجمان عن الأكل والشرب غالبا، ونسب المرض الذي هو نقمة إلى نفس العبد، والشفاء الذي هو نعمة إلى الله ﷿ لمراعاة حسن الأدب، كما حكاه