ولست بطارد المؤمنين عنِّي لضعفهم تطييبًا لنفوسكم، وطمعا في إيمانكم، وهو جواب عما أشعر به كلامهم من رغبتهم في طردهم، كشرط لإيمانهم به. وقيل: إنهم طلبوا منه طردهم فأجابهم بذلك، ويشير إلى هذا ما جاء في سورة هود على لسان نوح: ﴿وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّهُمْ مُلَاقُورَبِّهِمْ وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ (٢٩) وَيَا قَوْمِ مَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللَّهِ إِنْ طَرَدْتُهُمْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ﴾ (٢٩ - ٣٠). وقد فعل مثل ذلك رؤساء قريش مع النبي ﷺ فأنزل الله له: ﴿وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ (٥٢)﴾ (١).
فهذا وذاك يدلان على أن شريعة السماء تحرص على المؤمنين، ولو ضعف شأنهم بين قومهم.
١١٥ - ﴿إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ﴾:
في هذه الآية الكريمة تحديد لوظيفة الرسول، وهي كالتعليل لما قبلها، أي: وما أنا إلاَّ رسول مبعوث لإنذار المكلفين وزجرهم عن الكفر والمعاصي، سواءٌ أكانوا من الأعزاء أم من الأذلاء، فكيف يتسنى لي طرد الفقراء لإرضاء الأغنياء؟