للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

في هذه الآيات تنويه بالقرآن العظيم الذي تقدم ذكره أول السورة، ورَدَّ لما قاله المشركون فيه.

أي: وإن هذا القرآن الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه منزل من رب العالمين، نزل به الروح الأمين جبريل .

نزل به ﴿عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ. بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ﴾: أي يتلوه الروح الأَمين على سمعك فيعيه قلبك حفطًا، وفهمًا، وثباتًا، لتكون به من جملة الرسل الذين ينذرون قومهم، فهو حجتك وآيتك، وقد نزل به بلسان عربى واضح، ليقطع أعذار قومك ويلزمهم الحجة، ويحملهم على المحجة (١).

ولو نزل بلسان أعجمى لتجافوا عنه، ولقالوا: ما نصنع بما لم نفهمه، ولم ندرك كنهه، ولتعذر عليك الإنذار، حيث يكون بذلك نازلًا على سمعك لا على قلبك، فتسمع أجراس حروف لا تفهم معانيها، ولا تعي مراميها.

وفي حكاية القرآن الكريم لهذه القصص التي لا سبيل لنبى أُمى لم يقرأ ولم يكتب أن يعلمها، دليل واضح على صدق نبوته فلا سبيل له علمها إلا الوحى الذي نزل به الروح الأمين.

وقد سجل الله هذا المعنى في قوله - تعالى -: ﴿وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ﴾ (٢).

١٩٦ - ﴿وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ﴾:

أي: وإن القرآن الكريم لمذكورٌ في كتب الأنبياء السابقين، وقيل معناه: إنه لفى الكتب المتقدمة باعتبار العقائد والاحكام؛ فإن التوحيد وسائر ما يتعلق بالذات والصفات، وكثيرًا من المواعظ والقصص والأحكام والأخلاق مسطور في الكتب السابقة.


(١) أي: الطريق.
(٢) الآية ٤٨ من سورة العنكبوت.