للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

إن شئت أتيتُ بها وإلا لم أُجبر عليها، وقيل معناه: فلا أكون معتديا، وهو نفي للعدوان عن نفسه، كقولك: لا إثم عليّ ولا تبعة عليّ، والله على ما نقول من الشروط الجارية بيننا وكيل وشاهد وحفيظ، والمراد: توثيق العقد وأنه لا سبيل لأحد منهما إلى الخروج عنه أصلًا، وبما سبق في الآيتين استدل العلماء على أن اليسار لا يعتبر في الكفاءة، فإن موسى لم يكن حينئذ موسرا، وأن في قوله تعالى-: ﴿وَاللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ﴾ اكتفاءً بشهادة الله ﷿ إذ لم يشهد أحدا من الخلق، فيدل ذلك على عدم اشتراط الإشهاد في النكاح عندهم، وقد اختُلف في ذلك على قولين: أحدهما: أنه لا ينعقد إلاَّ بشاهدين، وبه قال أبو حنيفة، والشافعى، الثاني: أنه ينعقد دون شهود، وبه قال مالك؛ لأنه عقد معاوضة فلا يشترط فيه الإشهاد، وإنما يشترط فيه الإعلان والتصريح، وفرق ما بين النكاح والسفاح الدُّف (١).

قال ابن كثير ج ٣ ص ٣٨٥: وقد دل الدليل على أن موسى إنما فعل أكمل الأجلين وأتمهما.

قال البخاري: حدثنا محمد بن عبد الرحيم، حدثنا سعيد بن سلمان، حدثنا مروان بن شجاع، عن سالم الأفطس، عن سعيد بن جبير قال: سألنى يهودى من أهل الحيرة: أي الأجلين قضى موسى؟ فقلت: لا أدرى حتى أُقدم على حبر العرب فأسأله، فقدمت على ابن عباس فسألته، فقال: قضى أكثرهما وأطيبهما؛ أن رسول الله إذا قال فعل، والله - تعالى - أعلم.


(١) انظر القرطبي: المسألة الثالثة والعشرين.