للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿رَبَّنَا هَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَغْوَيْنَا أَغْوَيْنَاهُمْ كَمَا غَوَيْنَا﴾:

أي: ما أكرهناهم على الغَيِّ، وإنما أغويناهم بطريق الوسوسة، والتَّسْويل لا بالقَسر والإِلجاء، فغووا باختيارهم غيًّا مثل غَيِّنا باختيارنا، تبرأْنا إليك منهم ومما اختاروه من الكفر والمعاصي هوى منهم للباطل ومقْتًا للحق، ما كانوا يعبدوننا وإنما كانوا يعبدون أهواءهم ويطيعون شهواتهم، ومسارعة الذين حق عليهم القول إلى الجواب مع كون السؤال لِلْعَبَدةِ، إمَّا لتفطنهم أن السؤال عنهم لاستحضارهم وتوبيخهم بالإِضلال وجزمهم بأن الْعبَدَة سيقولون: هؤلاء أضلُّونا، وإمَّا لأن العَبدة قد قالوا: إنهم أضلُّونا، فاعتذر هؤلاء المعبودون بما قالوه ردًّا لقولهم، إلا أن القرآن لم يَحْك قول العبدة إيجازا لظهوره.

ومرادهم بالإشارة في قوله ﴿رَبَّنَا هَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَغْوَيْنَا﴾: بيان أنهم يقولون ما يقولون بمحضر منهم، وأنَّهم غير قادرين على إنكاره ورده.

٦٤ - ﴿وَقِيلَ ادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَرَأَوُا الْعَذَابَ لَوْ أَنَّهُمْ كَانُوا يَهْتَدُونَ﴾:

وقيل للكفار تقريعًا لهم، وتهكمًا وتشهيرًا بهم على رءُوس الأشهاد بدعاء من لا نفع فيه لنفسه - قيل للكفار -: استعينوا بآلِهتكم التي عبدتموها في الدنيا لتنصركم، وتدفع عنكم كما كنتم ترجون منهم ذلك في الدار الدنيا، فاستغاثوا بهم، فلم يجيبوهم ولم ينتفعوا بهم، ضرورة عدم قدرتهم على الاستجابة والنصرة ولأنهم في شغل شاغل عنهم، وتيقنوا أنهم صائرون إلى النار لا محالة، ولو أنهم كانوا يهتدون لوجه من وجوه الجيل يدفعون به العذاب لدفعوا به العذاب، أو: لو أنهم كانوا مهتدين مؤمنين لما رأوه.

قال الزمخشري. حكى أولًا ما يوبخهم به من اتخاذهم له شركاء، ثم ما يقوله الشياطين أو أئمتهم عند توبيخهم؛ لأنهم إذا وُبِّخُوا بعبادة الآلهة اعتذروا أن الشياطيبن هم الذين استفزوهم وزينوا لهم عبادتها، ثم ما يشبه الشماتة بهم من استغاثتهم ألهتهم، وخذلانهم لهم وعجزهم عن نصرتهم، ثم ما يبكتون به من الاحتجاج عليهم بإرسال الرسل وقطع الحجة، وإبطال المعاذير في قوله تعالى: