والمعنى: وقال الكفار من مشركي مكة للمسلمين الذين اتبعوا دعوة الرسول ﷺ:
اتبعوا سبيلنا، واسلكوا طريقتنا التي نسلكها في ديننا، ولنحمل عنكم ذنوبكم وآثامكم إن صح أن هناك بعثًا وجزاءً، أو إن كان في اتباعكم لنا خطيئة يؤاخذ عليها عند البعث - كما تقولون - وقد ردَّ الله عليهم بقوله - تعالى -: ﴿وَمَا هُمْ بِحَامِلِينَ مِنْ خَطَايَاهُمْ مِنْ شَيْءٍ﴾: أي: وما أولئك المشركون بحاملين من شيء من خطاياهم التي التزموا أن يحملوها لهم إن واقفوهم، وإن هؤلاء المشركين لكاذبون في دعواهم القدرة على حمل خطايا المسلمين؛ لأنهم يقولون ما لا يقدرون عليه، ولا يملكون أداءَه.
هذه الآية استمرار في تسفيه المشركين، ودرء أباطيلهم ببيان ما يستتبعه قولهم ذلك في الآخرة من المضرة لأنفسهم بعد بيان عدم منفعته لمخاطبيهم أصلا.
والمعنى: وليحملنَّ هؤلاء المشركون في الآخرة آثامهم الفادحة، وأوزارهم الثقيلة ﴿وَأَثْقَالًا مَعَ أَثْقَالِهِمْ﴾ أي: وأوزارا وآثاما أُخَر مع أثقال أنفسهم وهي أثقال من تسببوا في إضلالهم وحملهم على الكفر والمعاصي من غير أن ينقص ذلك من أثقال من أضلوهم شيئًا أصلا.
والتعبير بالأثقال عن الخطايا والذنوب للإيذان بخطورتها كأنها عبءٌ ثقيل تنوءُ به الكواهل، وهذا كما في قوله - تعالى -: ﴿لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾ (١) - وكما أخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن الحسن أن النبي ﷺ قال:"أيُّما داع دعا إلى هدى فاتُّبع عليه وعُمِل به فله مثل أُجور الذين اتبعوه، ولا ينقص ذلك من أجورهم شيئًا، وأيما داع دعا إلى ضلالة فاتُّبع عليها وعُمِل بها، فعليه مثل أوزار الذين اتبعوه، ولا ينقُصُ ذلك من أوزارهم شيئًا".