﴿إنَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ﴾: أي؛ إن أمر إعادة الخلق بعد الفناء يسير على الله سهل لا يفتقر إلى شيء أصلا، وإنما يقول الله - تعالى - له:(كن فيكون).
ويجوز أن يكون المشار إليه ما ذكر من البدء والإعادة.
أنكرت الآيات السابقة على الخلق غفلتهم وتعطيلهم العقل بعدم تدبرهم في قدرة الله - تعالى - الواضحة في بدء الخلق تدبرا يصل بهم إلى اليقين بقدرته على البعث وإعادة الخلق، وهذه الآية تأمرهم بالسير في الأرض لينظروا فيها كيفية بدء الخلق الدالة على قدرته - تعالى - على النشأة الآخرة.
والأمر في قوله - تعالى -: ﴿قُلْ سِيرُوا﴾ يحتمل أن يكون لسيدنا محمَّد إذا كانت هذه الآيات معترضة في قصة إبراهيم ﵇ لتسلية الرسول، وأن يكون لسيدنا إبراهيم ﵇ إذا كانت هذه الآية والتي قبلها وبعدها متصلة بقصته.
والمعنى: قل - يا أيها الرسول - لقومك سيروا في الأرض، وتقلبوا في جوانبها ومناكبها، فانظروا كيف بدأ الله الخلق على أطوار مختلفة، وطبائع متغيرة.
﴿ثُمَّ اللَّهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ﴾: أي؛ ثم الله الذي أنشأ النشأة الأولى قادر أن يعيد خلقهم في الآخرة مثل النشأة الأولى التي شاهدوها، وعاينوا آثارها وأطوارها.
والتعبير عن الإعادة بالنشأة الآخرة يشعر بأن النشأتين شأن واحد من شئون الله - تعالى - من حيث إن كلا منهما إخراج من العدم إلى الوجود، لا فرق بينهما إلا بالأولية والآخرية.
وإظهار اسم الله في قوله - تعالى -: ﴿ثُمَّ اللَّهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ﴾ مع إضماره في قوله - سبحانه -: ﴿كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ﴾ لإبراز مزيد الاعتناء ببيان تحقق الإعادة، كما أن ترتيب النظر على السير في الأرض مؤذن بتتبع أحوال أصناف الخلق في أقطارها