أي: قال لهم - على سبيل التفجع والتحزن -: أتلكونها وفيها من هو برئ من الظلم؟!.
فكان ردهم عليه بأنهم غير غافلين عن مكان لوط فيها وأتباعه من المؤمنين.
وقيل: يجوز أن يكون إبراهيم ﵇ اعتقد عدم تناول إهلاك أهل القرية للوط ﵇ لكنه أراد التنصيص على حاله ليطمئن قلبه لكمال شفقته عليه، وحبه له.
وقوله - سبحانه - حكاية عنهم: ﴿لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ﴾ يشعر بأنهم معنيون بلوط وأهله أتم عناية؛ لتأكيد وعدهم بالتنجية بالقسم، أما امرأته فلأنها كانت تماليء قومها على كفرهم وبغيهم، فكانت من الباقين في العذاب وقد مر الكلام عن ذلك في سورة النمل.
٣٣ - ﴿وَلَمَّا أَنْ جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطًا سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا وَقَالُوا لَا تَخَفْ وَلَا تَحْزَنْ﴾ الآية.
بعد مفارقة الرسل لإبراهيم ﵇ ساروا إلى لوط ﵇ في سورة شبان حسان، فلما رآهم كذلك اعترته المساءة والحيرة، وعجزت طاقته عن تدبير أمرهم. وعن الحيلة لإنجائهم، وكان لا يعلم أمرهم في الساعة الراهنة التي رآهم فيها.
ولما شاهدوا فيه مخايل الضمير من جهتهم، وعاينوا ما يشير إلى أنه عاجز عن مدافعة قومه، طمأنوه.
﴿وَقَالُوا لَا تَخَفْ وَلَا تَحْزَنْ إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ إِلَّا امْرَأَتَكَ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ﴾:
أي لا تخف من قومك علينا وعليك ولا تحزن بما نفعله بقومك، ولن يصيبك وأهلك أذى إلاَّ امرأتك فهي من الهالكين الباقين في العذاب.
٣٤ - ﴿إِنَّا مُنْزِلُونَ عَلَى أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ﴾:
بيان لما أشار إليه قوله - سبحانه -: ﴿لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ﴾ من نزول العذاب على أهل قرية سدوم، أكبر قرى قوم لوط، وفيها بدأت الفاحشة كما قيل، ولذا خصت بالذكر وقد استأصل العذاب أهلها وقطع دابرهم.
قال ابن كثير: إن جبريل ﵇ اقتلع قراهم من قرار الأرض ثم رفعها إلى عنان السماء ثم قلبها عليهم، وجعلهم عبرة إلى يوم التناد، وهم من أشد الناس عذابًا إلى يوم المعاد. اهـ