يخبر - سبحانه - عن عبده ونبيه شعيب أنه خاطب أهل مدين، فأمرهم بعبادة الله وحده لا شريك ده، وأن يخافوا يوم القيامة، حيث قال لهم: ﴿يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَارْجُوا الْيَوْمَ الْآخِرَ﴾: أي خافوا ما ينزل بكم فيه من فنون الأهوال والشدائد، واعملوا اليوم الأعمال التي تؤمنكم غائلته وقسوته، قال يونس النحوي وأبو عبيدة: الرجاء هنا بمعنى الخوف والخشية، أي: اخشوا الآخرة التي فيها الجزاء على الأعمال.
ثم نهاهم - سبحانه - عن العثو في الأرض قاصدين الفساد ظلما وبغيًا على أهلها، وكانوا ينقصون المكيال والميزان، ويقطعون الطريق على الناس، مع كفرهم بالله ورسوله، وذلك أشد الفساد وأبشعه، فقال لهم: ﴿وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ﴾ ولما لم يعد لتهديده أثر حيث استمروا مندفعين في اقتراف آثامهم، نزل بهم من العذاب ما حكاه الله بقوله:
أي: أصابتهم زلزلة شديدة دمرت عليهم ديارهم وأرضهم، وقيل، صاح بهم جبريل ﵇ صيحة أحدثت الرجفة بسبب تحريكها للهواء، فأصبحوا بسبب ذلك باركين على ركبهم ميتين (١).