وموقف المعاصرين من العرب وأهل الكتاب منه في هذه الآية التي تجرد فيها الخطاب لرسول الله ﷺ.
والمعنى: مثل إنزالنا الكتب السابقة على من سبقك من الأنبياء أنزلنا إليك القرآن الكريم صادقا مصدقا لما سبقه من الكتب السماوية مقررا لرسالات أنبيائها الذين أُمرنا بالإيمان بما أنزل إليهم في قوله - تعالى -: ﴿وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ﴾ من الآية السابقة.
وقوله - تعالى -: ﴿فَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يُؤْمِنُونَ بِهِ﴾: معناه؛ فالذين آتيناهم الكتاب من الطائفتين: اليهود والنصارى الذين تقدموا عهد الرسول حيث كانوا مصدقين بنزول القرآن حسبما علموا مما عندهم من الكتاب، أو هم: عبد الله بن سلام وأضرابه من اليهود المعاصرين للنبي ﷺ حيث صدقوا بنزوله بعد أن سمعوه وعرفوا خبره من كتبهم، وتخصيصهم بإيتاء الكتاب؛ لأنهم هم المنتفعون به، فكأن من عداهم لم يؤتوه.
﴿وَمِنْ هَؤُلَاءِ﴾: أي: من العرب، أو من أهل مكة من يؤمن بالقرآن العظيم.
﴿وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الْكَافِرُونَ﴾: أي؛ وما ينكر آياتنا عن علم مع ظهورها وقيام الحجة لها، وزوال الشبهة عنها "إلاَّ الكافرون" المتوغلون في الكفر المصممون عليه، فإن ذلك يصدهم عن معرفة حقيقتها، ومن هؤلاء كعب بن الأشرف وأصحابه.