والمعنى: الله - سبحانه - شأنه أنه يبدأ الخلق وينشئه من العدم - كما تعلمون أيها الكافرون - ثم يعيده بعد فنائه، ثم إلا حسابه وجزائه ترجعون وتبعثون، فلماذا تكفرون وتنكرون؟ أليس من قدر على الإبداع والاختراع فهو قادر على الإعادة بعد الفناء؟
اختلف المفسرون في تفسير معنى الإبلاس، فمنهم من فسره باليأس، كابن عباس، وهو المراد من حديث:"أنا مبشرهم إذا أُبلسوا" أي: ذا يئسوا، ومنهم من فسره بالسكوت وانقطاع الحجة، ومنهم من فسره بالحزن الناجم عن شدة اليأس، والحق أنها معان متقاربة وليس بينها تناف.
والمعنى: ويوم يقوم الناس لرب العالمين في الساعة التي حددها للقيامة - يومئذ - ييأس المجرمون من النجاة ويتحيرون، وقد انقطعت حجتهم وصمتت ألسنتهم، ولفّهم الحزن من كل جانب.
ولم يكن لهؤلاء المجرمين من آلهتهم التي عبدوها شفعاء ينقذونهم من سوء مصيرهم، كما كانوا يزعمون في دنياهم: ﴿مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى﴾ وكانوا بشركائهم يومئذ كافرين.
والتعبير عمَّا سوف يحدث يوم القيامة - وهو مستقبل - بصيغة المضارع التي دخلت عليه (لم) في قوله: ﴿ولَمْ يَكُنْ لَهُمْ مِنْ شُرَكَائِهِمْ شُفَعَاءُ﴾ فحولته إلى المضى، وبصيغة الماضي في قوله: ﴿وَكَانُوا بِشُرَكَائِهِمْ كَافِرِينَ﴾ للإيذان بأنه واقع ولابد، فكأنه وقع فعلا وأُخْبر عنه.