ويرحمه ويدفع عنه ما يضره ويؤذيه قدر استطاعته، إن فيما ذكر في هذه الآية من عجائب تدبير الله لدلائل على ربوبيته، وعظيم فضله، وواسع رحمته - لدلائل - لقوم يتفكرون.
ومن دلائل ربوبيته خلق السموات والأرض وما فيهن من عجائب الإبداع وروائع الجمال، وبقائهن في الفضاء بعجيب قدرته وعظيم علمه وحكمته، ومن دلائل ربوبيته أيضًا اختلاف لغاتكم، حيث علم كل أُمة لغتها المخالفة للغة غيرها، أو ألهمها العبارات المختلفة للتعبير عن حاجاتها، وخالف بين طرائق نطقكم، فلا يكاد يوافق أحدكم غيره في أُسلوب نطقه واختيار عباراته، ومن دلائل ربوبيته أيضًا اختلاف ألوانكم من أبيض إلى أسود إلى أصفر إلى غير ذلك، أو اختلاف ألوانكم بتخطيط الأعضاء والهيئات والألوان، بحيث وقع التمايز والتعارف، حتى إن التوأمين - مع اتحاد أصلهما - لا بد من وجود اختلاف بينهما ليحصل التعارف، إن في ذلك كله لآيات عظيمة لكل عالم مفكر، على وجود إله حكيم قدير عليم.
دعت هذه الآية الكريمة إلى التأمل في آيات جليلة واضحة الدلالة على ربوبية الله ومزيد رحمته بعباده، وهي آية النوم وآية طلب الرزق، وما تشتملان عليه من آيات.
فأما آية النوم فإنها وسيلة إلى راحة القوى النفسية والبدنية، وإعادة النشاط إليها بعد الكلال.
والنوم هبة من هبات الرحمن الرحيم، فليس للإنسان أي كسب أو جهد فيه، وما على الإنسان إلا أن يستسلم لفراشه ويغمض عينيه وينتظر رحمة الله تأْتيه بالنوم فليسع بفضل الله إلى إحساسه وشعوره العقلي، فيغيبه في طياته، ويضفى على أجهزته البدنية والعقلية الراحة والسكينة، ولو شرد النوم عن الإنسان فإنه لا يستطيع أن