﴿وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ﴾ وإن كان بعض الرزق يأتي بغتة من غير سعي، كالمواريث والهبات والصدقات المفاجئة، ولكن السنة الإلهية في الحصول على الأرزاق هي السعي إليها؛ فالسماء لا تمطر ذهبا ولا فضة.
والمعنى الإجمالي للآية: ومن آيات ربوبيته - تعالى - وكمال تدبيره وحكمته نومُكم بالليل تارة، وبالنهار أُخرى، حسب حاجتكم إلى النوم، فحينما تحتاجون إليه أو تطلبونه يحقق الله لكم منه حاجتكم، ومن آياته طلبكم الرزق في الليل والنهار أيضًا فيأْتيكم منه ما قسمه الله لكم، إن فيما تقدم من النوم وطلب الرزق في ليل أو نهار، لآيات واضحة الدلالة على ربوبيته ووجوب الاستعانة به واللجوء إليه، إن فيما تقدم لآيات لقوم يسمعون سماع تدبر وتفكر.
والتعبير بقوله، ﴿يَسْمَعُونَ﴾ بدلا من: يبصرون، أو: يتفكرون، للإيذان بأن الأمر من الظهور بحيث يكفي فيه مجرد السماع لمن له فهم وبصيرة، ولا يحتاج إلى مشاهدة وإن كان مشاهدا، ولا إلى إعمال الفكر بعمق لغاية وضوحه.
المقصود من قوله: ﴿يُرِيكُمُ﴾ المعنى المصدري، فكأنه قيل: ومن آياته إراءتكم البرق، وهو من باب استعمال الفعل المضارع في جزء من معناه وهو الحدث، كما قالوه في المثل المشهور: تسمع بالمُعَيْديِّ خير من أن تراه أي: سماعك به … إلخ.
وذهب أبو علي إلى أن الكلام على تقدير (أن المصدرية) والأصل، أن يريكم، فلما حذفت ارتفع الفعل وبطل عملها بالحذف، والمآل في كلا الوجهين واحد وهو المعنى المصدري، والبرق: هو الومضات الكهربية المضيئة السريعة المتلاحقة أثناء المطر الغزير.
والمعنى الإجمالي للآية: ومن آيات الربوبية والبعث أن يريكم الله البرق اللامع المنبعث من السحب الركامية خوفا من نزول الأمطار الكاسحة بسيلها أو من نزول الصواعق وطمعا في مطر ينفع ولا يضر.