للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والمعنى: ويسألك الناس عن أمر اليتامي، قل إصلاح لهم خير من تركهم أو ظلمهم. والإصلاح يتناول كل نفع يعود عليهم من: تنمية أموالهم، وحسن تربيتهم، وتوليتهم بعض أُمورهم المالية، ليديروها تحت رقابة أَوصيائهم، ونحو ذلك.

ولذا نَكَّر ﴿إِصْلَاحٌ﴾ ليتناول كل فروعه. ونَكَّرَ ﴿خَيْرٌ﴾ ولم يقيد بقيد، ليفهم منه أنه "خير" مطلق: يعم الأَوصياءَ والأيتام. فالخير للأَوصياءِ: جزيل الثواب وحسن الذكر. والخير للأيتام: يسارهم وطيب نشأَتهم، ليكونوا نافعين لأنفسهم وأُمتهم.

﴿وَإِن تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ﴾:

أي: إن تخالطوهم - في الطعام والشراب والمسكن - تؤدوا اللائق بكم، فإنهم إخوانكم في الدين.

والمقصود: الحث على المخالطة، بشرط الإصلاح.

﴿وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ﴾:

وقد حذر الله المخالطين من الإفساد عند المخالطة لها فيجازي كلا منهما بما يستحقه، فإن الله لا تخفى عليه خافية: ﴿يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ﴾ (١).

فالمؤْمن ينبغي أن يراعي هذا، فيرغب في إصلاح أحوال اليتيم: طلبًا لثواب الله، ويرغب عن الإفساد، خشية عقاب الله:

﴿وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَأَعْنَتَكُمْ﴾:

أي: ولو شاء الله لضيق عليكم، بأَن لم يُجَوِّزْ لكم مخالطتهم، لترعوا مصالحهم دون مخالطة. ولكنه - سبحانه - رحيم بعباده، رءوف بهم، ﴿وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَج﴾ (٢).

﴿إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾:

أي إن الله غالب على كل شيءٍ: لا يعجزه أمر أراده، وفي جملته إعانتكم ﴿حَكِيمٌ﴾ فيما يشرعه من أحكام. ومن جملة ذلك: أنه شرع لكم ما تقتضيه الحكمة، وتتسع له الطاقة البشرية: التي هي أساس التكليف.


(١) غافر: ١٩
(٢) الحج: ٧٨