للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

إني لأُبصر قصر المدائن الأَبيض "ثم ضرب الثالثة وقال: "باسم الله "فقطع الحجر، وقال: "الله أَكبر. أُعطيت مفاتيح اليمن، والله إني لأُبصر باب صنعاءَ (١) "وقد تحقق كل ذلك، ولكن المنافقين لا يفقهون، فوصفوا هذا الوعد بالغرور.

وجاء في حديث آخر أَنه كلما ضرب ضربة أضاءَت له مملكة من هذه الممالك.

والمعنى الإِجمالى للآية: واذكر - أَيها النبي وكل مؤْمن - حين يقول المنافقون ومرضى القلوب مكررين: ما وعدنا الله من النصر والاستيلاء على الممالك إلا وعدًا باطلًا لا سبيل إلى تحقيقه.

١٣ - ﴿وَإِذْ قَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لَا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ إِلَّا فِرَارًا﴾:

المراد بالطائفة هنا عبد الله بن أبي بن سلول وأَصحابه - كما قال السدى - وقيل: هم أَوس بن قيظي وأَصحابه بنو حارثة - كما قال يزيد بن رومان.

ويثرب هي المدينة، وسميت يثرب باسم رجل من العماليق نزلها من قبل - كما قاله السهيلي - ولها عدة أَسماءٍ، منها: طابة، وطيبة، وقد كره بعض العلماءِ إطلاق لفظ يثرب عليها؛ لحديث رواه أحمد بسنده عن البراءِ قال: قال رسول الله : "من سمى المدينة يثرب فليستغفر الله" تفرد به أحمد، وفي إسناده ضعف كما قال ابن كثير.

ومعنى قولهم: ﴿لا مُقَامَ لَكُمْ﴾: لا مكان لكم في أَرض المعركة تقيمون فيه، فأَنتم عرضة للفناءِ من الأَحزاب الكثيرة العدد والعُدَدِ، ويصح أن يكون المعنى: لا إقامة لكم، أي: لا يمكنكم الإقامة، أو لا ينبغي أَن تقيموا هنا والحال على ما ترون. أو: لا إقامة لكم في دين محمَّد، فارجعوا كفارا، وتحللوا بذلك من بيعتكم إياه وأسْلِمُوه.

ومعنى الآية: واذكر - أيها النبي وكل مؤمن - حين قال جماعة من المنافقين وضعفاءِ الإيمان لجنود المسلمين الذين خرجوا مع الرسول للدفاع عن المدينة: لا ينبغي أن تقيموا هنا على شفير الخندق في مواجهة الأَحزاب، فارجعوا إلى بيوتكم، يريدون


(١) ذكره القرطبى في آخر المسألة الثالثة من مسائل قوله - تعالى: ﴿يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم … ﴾ الآية التاسعة من هذه السورة.