للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ}: في الرسل السابقين.

{وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا}: وكان حكم الله قضاءً مقضيًّا وحكمًا مفعولًا.

{حَسِيبًا}: كافيًا للمخاوف، أو محاسبًا.

التفسير

٣٧ - {وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ ... الآية}:

المراد بالذى أنعم الله عليه، وأنعم الرسول عليه: زيد بن حارثة بن شرحبيل الكلبي، وهو غلام عربي اشترته السيدة خديجة، ووهبته للنبي - صلى الله عليه وسلم - فأَعجبه ظرفه وأدبه فأعتقه وتبناه، وأحسن تربيته ورعايته (١).

وكان التبنى أمرًا سائدًا قبل الإِسلام، وكان من تبنى أحدًا كانت له حقوق الابن النسبي من الميراث وغيره، وبحكم هذا التبنى خطب له الرسول - صلى الله عليه وسلم - بنت عمته زينب بنت جحش، وزوجه إياها كما تقدم بيانه، روى أبو عصمة نوح ابن أَبي مريم مرفوعًا إلى زينب أنها قالت: (أمْسَى زيد فأَوى إلى فراشه - قالت زينب -: ولم يستطعني زيد، وما أَمتنع منه غير ما منعه الله مني فلا يقدر على).

وكانت تؤذى زيدًا بلسانها، وتفخر عليه بحسبها ونسبها، فجاءَ زيد إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: إن زينب تؤذينى بلسانها، وتفعل وتفعل، وإنى أُريد أن أُطلقها، فقال له: {أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ ... الآية} فطلقها زيد فنزلت: {وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ ... الآية}.

وروى عن علي زين العابدين بن الحسين - رضي الله عنهما، ورب الدَّار أدرى بما فيها - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان قد أوحى الله - تعالى - إليه أن زيدا يطلق زينب، وأَنه


(١) قال ابن كثير: وكان سيدا كبير الشأن جليل القدر حبيبا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - يقال له: الحب ويقال لابنه أسامة: الحب ابن الحب، قالت عائشة - رضي الله عنها - ما بعثه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سرية إلا أمره عليهم، ولو عاش بعده لاستخلفه - أخرجه الإمام أحمد بسنده عنها - اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>