للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ومن العلماء من منع الزواج منهن. وحجته في ذلك: أنها تنكر معجزة النبي وتضيفها إلى غيره - تعالى - هذا هو الشرك.

ولأن الشرك في هذه الآية، وقع في مقابل الإيمان في الآية التالية، فوجب حمْله على عدم الإيمان بالله ورسوله بأَي صورة. ولأنه - تعالى - أَطلق الشرك على أهل الكتاب، لقوله - تعالى - ﴿وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ﴾ إلى قوله: ﴿عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ (١).

وأخرج البخاري والنحاس في ناسخة، عن نافع عن عبد الله بن عمر وكان إذا سئل عن نجاح الرجل النصرانية أو اليهودية، قال: حرم الله تعالى المشركات على المسلمين، ولا أعرف شيئًا عن الإشراك، أَعظم من أن تقول المرأة: ربُّها عيسى، أو عبد من عباد الله تعالى.

وإلى هذا ذهب الإمامية، وبعض الزيدية، وجعلوا آية المائدة ﴿والْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ﴾ منسوخة بهذه الآية، نسخ الخاص بالعام، وتلك - وإن تأخرت تلاوة - فهي مقدمة نزولًا.

والجمهور على الأول:

والآية تقرر: أَن المرأة المملوكة الرقيقة إذا آمنت، رفعها إيمانها فوق المشركة: حرة كانت أو أمة، وإن أعجبت المشركة من يريد الزوارج، لما لها من: حسب، أو نسب، أو جمال، أو مال.

ثم إن التفضيل يقتضي: أن في المشركة خيرًا. فإِما يراد الخير، بالانتفاع الدنيوي وهو مشترك بينهما، أو هو على حد قوله تعالى: ﴿أصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُّسْتَقَرًّا﴾. (٢)

والمعنى: ولا تتزوجوا المشركات حتى يؤمن، فنكاحهن - وهن مشركات - حرام: لا ينعقد، ويعتبر وطؤهن زنى، ولأَمة مؤمنة يتزوجها المسلم، خير من مشركة: حرة كانت أم أمة، ولو أعجبتكم، بجمال أو مال، أو حسب أو نسب.


(١) التوبة: ٣٠، ٣١
(٢) الفرقان: ٢٤